باسم صاحب السمو
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة / حاكم إمارة أبو ظبي
محكمة النقض أبوظبي – قلم المحكمة التجارية
صدر الحكم الآتي:
الأسباب
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى تقدمت بالشكوى رقم 2326/2022 لدى لجنة حل وتسوية المنازعات التأمينية بدبي في مواجهة الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بطلب إلزامهما بأن يؤديا لها بالتضامن والتكافل مبلغ 636,532,2 درهم رسوم التعليم التي سددتها لابنها المتوفي ومبلغ 500 الف درهم كتعويض ومبلغ 95,000 درهم قيمة السيارة المتضررة .
وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 31/12/2021 تعرض ابنها لحادث مروري تسبب فيه قائد المركبة رقم ................ المؤمنة لدى المطعون ضدها الثانية وقد أدى الحادث إلى وفاته وتلف السيارة المملوكة له رقم ................ والمؤمنة لدى الطاعنة ، وثبت خطأ قائد المركبة المتسببة بموجب الحكم الصادر في الدعوى الجزائية رقم 290/2021 جنح مرور رأس الخيمة وصار الحكم باتاً ونهائياً . الأمر الي حدا بها إلى إقامة الدعوى بالطلبات السالفة.
وبتاريخ 14/11/2022 أصدرت اللجنة قراراها بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بأن تؤديا للمطعون ضدها الأولى بالتضامن مبلغ 300 الف درهم تعويضاً شاملاً لكافة الأضرار المادية والأدبية ورفض ما عدا ذلك من طلبات .
طعنت المطعون ضدها الأولى في هذا القرار لدى المحكمة الابتدائية بأبوظبي بموجب الدعوى رقم 57/2022 تجاري أبوظبي ، وطعنت فيه المطعون ضدها الثانية بالدعوى رقم 58/2022 ، كما طعنت فيه الطاعنة بالدعوى رقم 59/2022 ، وبتاريخ 27/2/2023 حكمت محكمة أول درجة في موضوع الدعاوى بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 2632/2022 دبي والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ 82,205 درهم مع إلزام الطاعنة بالتضامن مع المطعون ضدها الثانية في حدود مبلغ 59,250 درهم ، وإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ 100 الف درهم تعويض معنوي وإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بالمناصفة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم في شقه القاضي بالتعويض المعنوي بمبلغ 100 ألف درهم
بموجب الاستئناف رقم 710/2023 تجاري أبوظبي، وبتاريخ 26/4/2023 قضت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعنت فيه الطاعنة بطريق النقض بالطعن الماثل
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ، وذلك حينما قضى بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى تعويضاً قدره 100 الف درهم رغم أن الأوراق قد خلت من ثمة دليل يثبت أن المطعون ضدها الأولى بصفتها لا تملك أي مورد رزق آخر للعيش به كما لا يوجد دليل بالأوراق أن هناك ضرراً أخل بمصلحتها المالية الخاصة نتيجة فقد ابنها ، وأن والد المتوفى قد تحصل من الشركة الطاعنة على قيمة الدية الشرعية عن الوفاة بمبلغ 200 الف درهم المقضي بها بالدعوى الجزائية والمطعون ضدها الأولى لديها السدس شرعاً، بما يكون معه أن الحكم لها بتعويض معنوي بمبلغ 100 الف درهم لا سند له من الواقع أو القانون ومخالفاً للمادة 299 من قانون المعاملات المدنية ، كما أن الحكم المطعون فيه قد جاء مشوباً بالإخلال بحق الدفاع ودون تمحيص للأوراق وانبنى فقط على أقوال المطعون ضدها الأولى المرسلة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك ان المقرر ان النص في المادة 282 من قانون المعاملات المدنية على ان ( كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر) وفي المادة 292 منه على ان ( يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون نتيجة طبيعية للفعل الضار) وفي المادة 293 من ذات القانون على ان (1/ يتناول حق الضمان الضرر الأدبي ويعتبر من الضرر الأدبي التعدي على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي 2/ ويجوز ان يقضي بالضمان للأزواج وللأقربين من الأسرة عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب موت المصاب) وفي المادة 299 منه على انه ( يلزم التعويض عن الإيذاء الذي يقع على النفس، على انه في الحالات التي تستحق فيها الدية أو الأرش فلا يجوز الجمع بين أي منها وبين التعويض ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك) تدل مجتمعة على ان التعويض الذي تحظر الفقرة الثانية من المادة 299 الجمع بينه وبين الدية إنما هو التعويض عن الضرر المادي الذي يلحق بشخص المجني عليه نتيجة الإيذاء الذي يقع على نفسه وينتقل إلى ورثته بوفاته ، أما ذلك الذي يستحق للورثة مادياً كان أو أدبياً نتيجة ما أصاب أشخاصهم من أضرار بسبب وفاة مورثهم فيخرج عن التعويض الذي عنى المشرع حظر الجمع بينه وبين الدية ويظل محكوماً بنصوص المواد 282 ، 292، 293 سالفة الإشارة . ومن المقرر ان تقدير عناصر الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تحديد مبلغ التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع مادام ان القانون لم يوجب اتباع معايير معينة للتقدير ولا معّقب عليها في ذلك من محكمة النقض طالما انها أبانت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض عنها من واقع ما هو مطروح عليها في الأوراق .
لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد تكفل ببيان عناصر الضرر المعنوي الذي لحق بالمطعون ضدها الأولى بصفتها والدة المتوفى عما أصابها من حزن واسى وحسرة في شعورها وعاطفتها وإحساسها نتيجة فقد ابنها، وكانت هذه الأضرار على هذا النحو متعلقة بما أصابها في شخصها من أضرار معنوية بسبب هذه الوفاة فإن التعويض المطالب عنها يخرج عن نطاق التعويض الذي عناه المشرع بحظر الجمع بينه وبين الدية، ولما كانت محكمة الموضوع قد تولت تقدير التعويض الجابر لهذه الأضرار المعنوية بمبلغ 000ر100 درهم، وكان ذلك مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض طالما أبانت عناصر الضرر ووجه استحقاق التعويض عنه على النحو المذكور فيكون النعي عليه بما سلف على غير أساس ، يتعين معه رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : -برفض الطعن وألزمت الطاعنة الرسم والمصاريف وأمرت بمصادرة التأمين