بنوك (مسؤولية البنك)
[الطعن رقم (212) - لسنة 1995ق - تاريخ الجلسة 17/ 12/ 1995 - مكتب فني 6 – صـ 795]
جلسة الأحد 17 من ديسمبر سنة 1995
برئاسة السيد الدكتور/ مصطفى كيره - رئيس المحكمة, وعضوية السادة القضاة/ سيد عبد الباقي سيف النصر، الدكتور/ علي إبراهيم الإمام، صلاح محمد أحمد وعبد الرحيم محمد صالح.
(138)
الطعن رقم (212) لسنة 1995 (حقوق)
بنوك (مسؤولية البنك). مسؤولية المصرف في فتح حساب العميل - اقتضاؤها الاطمئنان إلى سلامة الإجراءات والتحقق من شخصية فاتح الحساب الذي يُمثل أمام موظفيه - مؤدى ذلك - وقوع تبعة فتح الحساب والسحب منه استنادًا إلى جواز سفر مزور - مهما كانت درجة إتقان التزوير، وأيًا كانت المستندات المرفقة - على عاتق المصرف - علة ذلك.إن مسؤولية المصرف في فتح حساب لعميل تقتضي منه بذل الاحتياطات اللازمة طبقًا لما استقر عليه العمل المصرفي بأن يطمئن إلى سلامة إجراءات فتح الحساب، والتحقق من شخصية طالب فتحه الذي يُمثل أمام موظفيه، وتقع على عاقته تبعة فتح الحساب والسحب منه فيما بعد استنادًا إلى جواز سفر مزور لشخص لم يمثل أمامه مهما كانت درجة إتقان ذلك التزوير وأيًا كانت المستندات المرفقة مع الطلب، وتعد هذه التبعة من مخاطر المهنة التي يمارسها المصرف وهذه مخاطر مهما بلغت أعباؤها لا تتناسب البتة مع المزايا التي تعود على المصارف من تدعيم الثقة بها وبث روح الاطمئنان لدى جمهور المتعاملين.
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص وبعد وسماع المرافعة والمداولة، حيث إن الطعن بالتمييز قدم خلال المدة القانونية مستوفيًا لكل موجباته الشكلية فهو مقبول شكلاً,تتحصل الوقائع في أن الطعون ضده أقام الدعوى رقم 243/ 1993 تجاري كلي أمام المحكمة الابتدائية ضد المصرف الطاعن طالبًا الحكم بإلزامه بأن يدفع إليه مبلغ 2276632.68 درهمًا والفائدة من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وقال في شرح دعواه أنه يمتلك مكتبًا عقاريًا باسم ((مؤسسة...) لتأجير العقارات) وقد قام المصرف الطاعن من خلال أحد موظفيه وبدون علم المطعون ضده أو تصريحه بفتح حساب باسم المؤسسة العقارية وذلك بالسماح لأحد موظفي المصرف المطعون ضده بتزوير توقيعه على المستندات الخاصة بفتح الحساب دون التأكد من هويته ودون أن يطلب منه المستندات الخاصة بفتح الحساب وذلك إهمالاً وخلافًا لكل الأعراف والإجراءات المصرفية المتبعة، وخلال الفترة التي ظل فيها الحساب مفتوحًا قام الموظف الذي زور توقيع المطعون ضده على طلب فتح الحساب بإيداع شيكات مستحقة للمؤسسة المملوكة للمطعون ضده ومحرره باسمها في ذلك الحساب ثم قام بسحب مبالغها والاستيلاء عليها دون وجه حق، وقد بلغت جملة المبالغ التي تم إيداعها ثم سحبها من الحساب المذكور مبلغ 276632.68 درهمًا، وظنًا من المطعون ضده أن قيمة الشيكات المذكورة قد أودعت في حساب المؤسسة المفتوح في مصرف آخر فقد حرر على حسابه بهذا المصرف شيكات بمبالغ متعددة لاعتقاده بأن حساب المؤسسة به رصيد كافٍ لتغطية قيمة الشيكات المسحوبة إلا أنه نظرًا لأن هذه المبالغ قد أودعت في الحساب المزور المفتوح لدى المصرف الطاعن فقد ارتدت الشيكات التي حررها دون صرف مما أدى إلى الحكم عليه ودخوله السجن بجريمة إصدار شيكات بدون رصيد وبالتالي تأثر وضعه المالي وسمعته التجارية وفقد صفقات مربحة وخسر مبالغ ضخمة وتوقفت أعمال مؤسسته وتم إغلاقها، ويقدر التعويض عن الأضرار التي لحقت به - والتي يسأل عنها المصرف الطاعن - بمبلغ مليون درهم عما لحقه من ضرر وما فاته من كسب ومليون درهم عن الأضرار المعنوية والنفسية الناتجة عن دخوله السجن وفقدانه لمصدر دخله بالإضافة إلى المبلغ الذي تم إيداعه وسحبه من الحساب المزور والبالغ 276623.68 درهمًا.ندبت المحكمة خبيرًا لبيان مدى صحة يدعيه المطعون ضده من سحب وإيداع في الحساب موضوع الدعوى والمفتوح لدى المصرف الطاعن، وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 26/ 3/ 1995 بإلزام المصرف الطاعن، بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 277280 درهمًا والفائدة بمعدل 9% سنويًا من تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية، فاستأنف المصرف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 390/ 1995، وبتاريخ 28/ 6/ 1995 حكمت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.طعن المصرف الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بموجب صحيفة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة في 27/ 7/ 1995 طلب فيها نقضه ورد الدعوى، وقدم المطعون ضده - في الميعاد - مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.يؤسس الطعن على سبعة أسباب ينعى بها المصرف الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أن مسؤولية المتبوع لا تتحقق بمجرد ارتكاب التابع للخطأ بل أن يترتب على هذا الخطأ ضرر الأمر الذي لم يثبته المطعون ضده، وعملاً بالمادتين (289) و(313) من قانون المعاملات المدنية فإن دعواه في مواجهة الطاعنة تكون غير مقبولة إذ لم يحصل على حكم نهائي وقطعي بالضمان الناجم عن الضرر المزعوم ضد المدعو (.......) موظف المصرف الطاعن، والشريعة الإسلامية لا تقر مبدأ مسؤولية المتبوع عن عمل تابعة ولا تحمل أي شخص مسؤولية الضرر الذي يحدثه غيره، والمبدأ العام في المسؤولية هو أنه يجوز للقاضي أن يلزم صاحب العمل إذا رأى مبررًا بأداء الضمان المحكوم به على أحد موظفيه أو تابعيه الذي أوقع الضرر، إلا أنه يشترط أن يكون قد صدر حكم نهائي وقطعي على الموظف بالضمان، وقد أخطأ الحكم إذ قضى بخطأ موظفه السالف الذكر بفتحه الحساب موضوع الدعوى رغم ثبوت انتهاء هذا الخطأ ذلك أن الثابت في أوراق الدعوى أن هذا الموظف قام بفتح الحساب المزعوم تزويره بعد أن قدم له المدعو (.......) صورة من جواز سفر المطعون ضده تحمل توقيعه بالإضافة إلى أصل هذا الجواز وصورة رخصة مؤسسة (......) للعقارات وطلبات فتح الحساب موقعة من المطعون ضده باسم (.......) والثابت من تقرير الخبيرة (......) رئيسة شعبة فحص آثار التزوير والتزييف بشرطة دبي ومن إفادتها لدى استجوابها في دعوى التزوير بأن الشكل العام للتوقيع المنسوب للمطعون ضده يتوافق مع توقيعاته العادية في الشكل العام وطريقة الكتابة وأنه لا يمكن للشخص العادي التمييز بين التوقيع الصحيح والتوقيع المزور، وكل ذلك يدل على أن المدعو (......) شريك آخر في الحساب موضوع الدعوى على نحو ما هو مبين في طلب فتح الحساب وهو المدير الفعلي لمؤسسة (.......) للعقارات وهناك وكالة ظاهرة صادرة من المطعون ضده له تجيزه في فتح هذا الحساب والتصرف في رصيده سحبًا وإيداعًا، وقد تضمنت طلبات فتح الحساب رقم هاتف المؤسسة وصندوق بريدها وهي ذات الأرقام الواردة في عقود الإيجار السابقة لتاريخ فتح الحساب، وكانت كافة المراسلات وكشوف الحساب من المصرف الطاعن ترسل على هذه الأرقام ولم يتلقَ الطاعن أي اعتراض أو استفسار عنها مما يؤكد أن المدعو (......) كان وكيلاً فعليًا عن المطعون ضده الذي يدل سكوته على انتفاء أي خطأ من جانب الموظف التابع للمصرف وعلى سلامة وصحة إجراءات فتح الحساب، وعلاوة على ذلك فإن الثابت في الأوراق أن علاقة المدعو (.......) بالمطعون ضده هي علاقة مالك فعلي لمؤسسة (......) للعقارات بكفيل مواطن وكان المصرف حسن النية وضحية لمؤامرة (.......)، وقد جاءت أوراق الدعوى خلوًا من أي بينات تثبت الضرر الموجب للتعويض وكان يتعين على الحكم المطعون فيه بيان عناصر الضرر ذات أن تقرير التعويض مناط بجسامة الضرر وليس جسامة الخطأ، كما تجاهل الحكم المطعون فيه دفع الطاعن بأن خطأ المطعون ضده تجاوز خطأ موظف الطاعن واستغرقه إذا شارك بأفعاله في أحداث الضرر المزعوم وزاد فيه بما يستوجب تطبيق المادة (290) من قانون المعاملات المدنية وذلك بإهماله في الرقابة على المدعو (.......) مما مكنه في فتح الحساب لدى المصرف الطاعن مستخدمًا في ذلك أوراق المؤسسة وأصل رخصتها التجارية وأصل جواز سفر المطعون ضده الذي لم يعترض على كشوف الحساب التي كانت ترسل دوريًا على صندوق بريد المؤسسة طيلة خمسة أشهر مما يدل على علمه بوجود الحساب وأن فتحه قد تم بمعرفته وموافقته، وهذا الإهمال من جانب المطعون ضده يشكل خطأً جسيمًا يتحمل هو مسؤوليته التامة ويستغرق خطأ موظف المصرف الطاعن - إن وجد - وأردف الطاعن قائلاً أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وأخل بحقه في الدفاع إذ قضى بثبوت الضرر والتعويض استنادًا تقرير الخبير المنتدب الذي اكتفى فقط ببيان المبالغ التي أودعت في الحساب موضوع الدعوى الشيكات موضوع تلك المبالغ والمصارف المسحوبة عليها دون بيان ما إذا كانت تلك الشيكات صادرة باسم مؤسسة (.......) لتأجير السيارات، وقد عجز الخبير في الاتصال بكافة المصارف المسحوبة عليها الشيكات للتحقق من اسم المسحوب لأمره في كل منها وفقًا لقرار ندبه وهو أمر جوهري، كما أغفل الحكم المطعون فيه طلب الطاعن بإجراء تحقيق أو إعادة المأمورية للخبير لتنفيذ المهمة المسندة إليه وفقًا للقرار التمهيدي إذ قد تكون الشيكات موضوع الحساب عائدة لتعامل لا علاقة له بالمؤسسة وصادرة باسم (.......) أو للحامل أو نقدًا وظهرت من جانب الأخير لإيداعها الحساب، ولا يحق للمطعون ضده أن يطالب بقيمة شيكات ما لم يثبت أن المبالغ المودعة في ذلك الحساب تعود إليه.هذا النعي برمته غير سديد ذلك أن مسؤولية المصرف في فتح حساب لعميل تقتضي منه بذل الاحتياطات اللازمة طبقًا لما استقر عليه العمل المصرفي بأن يطمئن إلى سلامة إجراءات فتح الحساب والتحقق من شخصية طالب فتحه الذي يمثل أمام موظفيه, وتقع على عاتقه تبعة فتح حساب والسحب منه فيما بعد استنادًا إلى جواز سفر مزور لشخص لم يمثل أمامه مهما كانت درجة إتقان ذلك التزوير وأيًا كانت المستندات المرفقة مع الطلب، وتعد هذه التبعة من مخاطر المهنة التي يمارسها المصرف من تدعيم الثقة بها وبث روح الاطمئنان لدى جمهور المتعاملين، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن سلطة فهم وتحصيل الواقع في الدعوى تستقل بها محكمة الموضوع طالما كان استخلاصها سائغًا وأن لها مطلق السلطة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة تقديمًا صحيحًا وفي استخلاص ما تراه متفقًا مع واقع الدعوى بلا معقب عليها من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق، ولها أن تأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بسلامة الأسس والأبحاث التي بني عليها الخبير تقريره فلا يجدي الجدل في ذلك أمام محكمة التمييز، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المهمة التي كلف بها الخبير المنتدب هي الاطلاع على أوراق الحساب موضوع الدعوى المفتوح باسم مؤسسة (......) لتأجير العقارات لبيان إن كانت هناك شيكات جملة مبلغها 267280 درهمًا قد أودعت باسم هذه المؤسسة في الحساب المفتوح لدى المصرف الطاعن وإن كانت قد صرفت وتحديد الشخص الذي استلم مبالغها، وقد قام الخبير بهذه المهمة بكاملها وكان الحكم المطعون قد قضى برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنة وتأييد الحكم المستأنف تأسيسًا على أن (الخطأ المسند إلى موظف المستأنف (الطاعن) هو أنه عول في فتحه الحساب باسم مؤسسة المستأنف ضده (المطعون ضده) على مضاهاة نموذج التوقيع المقدم إليه من طالب فتح الحساب على توقيعه الثابت في جواز سفره دون أن يتمسك بما تمليه عليه التعليمات والإجراءات المتبعة من ضرورة التوقيع على النموذج أمامه وفق ما جاء بأقواله هو ذاته في التحقيقات المرفق صورها، فإنه لا يغير من ثبوت هذا الخطأ كون الطالب وكيلاً أو مفوضًا أو مديرًا. وحيث إنه عن السبب الثالث فإنه مردود كذلك، ذلك أن إيداع الشيكات في حساب باسم مؤسسة المستأنف ضده قرينة على تعلق هذه الشيكات بتلك المؤسسة أيًا ما كان الأمر بالنسبة لموقف صاحب الحساب بالنسبة له ومدى علمه به، وعلى من يدعي عدم تعلق هذه الشيكات بالمؤسسة صاحبة الحساب أن يثبته إذ أنه يدعي على خلاف الظاهر، وإذ كان المستأنف لم يثبت شيئًا من ذلك كان ادعائه بعدم علاقة الشيكات بالمؤسسة مجرد قول مرسل يتعين الالتفات عنه)، ولما كان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه يقوم على استخلاص سائغ وله أصله الثابت في الأوراق وكافيًا لحمل قضائه فإنه لا جناح على المحكمة إن هي لم تجب الطاعن إلى طلبه بإعادة المأمورية إلى الخبير أو بإحالة الدعوى إلى التحقيق طالما وجدت في الأوراق ما يغنيها عن ذلك ويكفي لتكوين عقيدتها في شأن إيداع مبلغ الشيكات موضوع الدعوى في حساب مؤسسة المطعون ضده المفتوح لدى المصرف والشخص الذي قام بصرفها، ومن ثم فإن النعي على الحكم يكون على غير أساس متعينًا رده.
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 25-05-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 178 لسنة2023 طعن مدني
طاعن:
.............- بصفتها الطبيبة التابعة للمدعي عليها الاولى
.............ش.ذ.م.م
.............- بصفتها الممرضة التابعة للمدعي عليها الاولى
مطعون ضده:
.............-بصفتها طبيبة .............
..........................الحكم المطعون فيه:الصادر بالاستئناف رقم 2023/74 استئناف مدني
بتاريخ 09-03-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.لما كان من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص توفر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع الذي تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة التمييز متى كان استخلاصها سائغًا وله أصله الثابت في الأوراق، وكان المقرر وفق ما تقضى به المادة 313 من قانون المعاملات المدنية أن للقاضي بناء على طلب المضرور أن يلزم بأداء الضمان من كانت له على من وقع منه الإضرار سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ولو لم يكن حرًا في اختياره إذا كان الفعل الضار قد صدر من التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها ، وبما مؤداه أن مسئولية المتبوع تقوم في حالة خطأ التابع وهو يؤدى عملا من أعمال الوظيفة أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر للخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه أو كلما استغل التابع وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان الفعل غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة لارتكابه له ، ومن المقرر أن تقدير توفر علاقة التبعية واستخلاص مسئولية المتبوع أو نفي ذلك هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير المستندات والأدلة المقدمة إليها يغير معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق.
وكان من المقرر أن مسئولية الطبيب تقوم على التزامه ببذل العناية الصادقة في سبيل شفاء المريض، ومناط ذلك ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علمًا ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل المهنة ليُفتح باب الاجتهاد فيها ، وانحراف الطبيب عن أداء هذا الواجب يعد خطأ يستوجب مسئوليته عن الضرر الذي يلحق بالمريض ويفوت عليه فرصة العلاج ما دام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي إلى ارتباطه بالضرر ارتباط السبب بالمسبب ، ويتعين عند تحديد مسئوليته الوقوف عند السبب الفعال المنتج في إحداث الضرر دون السبب العارض الذي ليس من طبيعته احداث مثل هذا ا لضرر، وإن كان ثبوت الخطأ الموجب لمسئولية الطبيب أو نفيه واستخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر أو نفيها هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز، إلا أن ذلك مشروط بأن تورد الأسباب السائغة المؤدية إلى ما انتهت إليه. وكان الثابت من مطالعة الأوراق وتقرير اللجنة العليا للمسئولية الطبية ثبوت خطأ الطاعنتين الثانية والثالثةــ الطبيبة وممرضة العمليات ــ دون غيرهما وهذا الخطأ تمثل في نسيانهما الشاش الطبي داخل جسد المطعون ضدها الأولى أثناء إجراء عملية إزالة الورم الليفي بالمنظار وما ترتب عليها من نتائج ويتحملان المسئولية عن تعويض الضرر الناتج عنها وكانت الطاعنة الأولى ـ في الطعنين ــ هي الجهة التي تعملان بها ومن ثم تتوفر صفتها في الدعوى على سند من مسئوليتها عن أعمال تابعيها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي المبدى منها بانعدام صفتها واشتراك المطعون ضدهما الثانية والثالثة في المسئولية يكون على غير أساس.
ولما كان مفاد المواد 18، 19 ،20 من المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2016 بشأن المسئولية الطبية والمادة 5 من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 40 لسنة 2019 أن لجان المسئولية الطبية هي المنوط بها وضع التقارير الطبية في الوقائع المتعلقة بالخطأ الطبي وبيان مدى ونوع الضرر، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بما في ذلك التقارير الطبية التي يستند إليها المضرور في بيان طبيعة إصابته وما نتج عنها من عجز ومداه، وأن تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تحديد مبلغ التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أن القانون لم يوجب اتباع معايير معينة للتقدير ولا معقب عليها في ذلك من محكمة التمييز ما دام أنها قد أبانت عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض عنها من واقع ما هو مطروح عليها في الأوراق. وكانت المطعون ضدها الأولى في الطعنين قد أقامت دعواها بطلب التعويض بمبلغ ثلاثة ملايين درهم عما أصابها من أضرار مادية وأدبية من جراء الخطأ الطبي للطاعنتين الثانية والثالثة التابعتين للطاعنة الأولى وكان الثابت من التقارير الطبية المرافقة التي وضعتها لجان المسئولية الطبية أن المطعون ضدها الأولى قد أجريت لها عملية منظار رحمي لاستئصال ورم ليفي استعملت فيها الطاعنة الثانية الشاش الطبي لتثبيت القسطرة ونسيتها والطاعنة الثالثة أثناء العملية إلى أن أخرجتها المطعون ضدها الأولى مع الفضلات وقد استمرت الآمها ومعاناتها حتى أجرت عملية استئصال للرحم في المستشفى الكندي ـ المطعون ضدها الثانية ـ مما يشكل ضررًا تمثل في استئصال عضو وفقدان وظيفته يوجب التعويض عنه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بإلزام الطاعنات بمبلغ مليون درهم بما يتوازن مع العلة من فرضه ويضحى متكافئًا مع الضرر غير زائد عليه ويكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس. ويضحى الطعنان برمتهما قد أقيما على غير الأسباب المبينة بالمادة 175/2،1 من قانون الإجراءات المدنية الصادر بمرسوم اتحادي رقم 42 لسنة 2022 ، وتأمر المحكمة بعدم قبوله عملًا بالمادة 185/1 من ذات القانون.
فلهذه الأسباب
أمرت المحكمة ــ في غرفة مشورة ــ بعدم قبول الطعنين وألزمت كل طاعنة بمصروفات طعنها والمقاصة في أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغي التأمين.
محكمة التمييز - المكتب الفني مجموعة الأحكام والمبادئ القانونية الصادرة في المواد المدنية والتجارية والعمالية والأحوال الشخصيةعام 2008 – "حقوق" الجزء الأول – من يناير إلى يونيو 2008 - العدد التاسع عشر
جلسة الثلاثاء 19 فبراير 2008
برئاسة السيد القاضي/ زكي إبراهيم المصري – رئيس الدائرة.وعضوية السادة القضاة: أحمد عبد الرحمن الزواوي، محمد خميس البسيوني، سيد عبد الرحيم الشيمي، عبد الوهاب صالح حموده.
(61)الطعن رقم 330 لسنة 2007 "طعن تجاري" والطعن 340/2007 "تجاري":
(1) نقل "النقل البري: عقد النقل البري".النقل البري. ماهيته. انعقاده بمجرد اقتران الإيجاب بالقبول. تسلم الناقل الشيء محل النقل. اعتباره قبولاً منه للإيجاب الصادر إليه.(2) وكالة "أنواع الوكالة: الوكالة بالعمولة". إثبات "طرق الإثبات".الوكالة بالعمولة للنقل. ماهيتها. تولى الوكيل النقل بوسائله الخاصة. أثره. سريان أحكام عقد النقل عليه. إثبات عقدي النقل والوكالة بالعمولة. جوازه بكافة طرق الإثبات.(3) حكم "عيوب التدليل: القصور".استناد الخصم إلى دفاع قد يترتب على تحقيقه تغير وجه الرأي في الدعوى وتقديمه مستندًا له دلالة معينة في شأن ثبوت هذا الدفاع. وجوب تعرض المحكمة لهذا المستند. مخالفة ذلك. قصور.
(4) مسئولية "المسئولية التقصيرية: مسئولية المتبوع" .علاقة التبعية. عدم قيامها إلا بتوافر عنصر الرقابة والتوجيه. ماهية كل عنصر منها. مسئولية المتبوع. نطاقها. ارتكاب العامل للفعل الضار لحساب نفسه. خروجه عن نطاق مسئولية المتبوع. إثبات ذلك. وقوعه على عاتق المتبوع. استخلاص توافر علاقة التبعية أثناء ارتكاب العامل للفعل الضار. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(5) إثبات "إجراءات الإثبات: الإحالة إلى التحقيق". عدم التزام المحكمة بإجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود. رفضها هذا الطلب وإيرادها أسبابًا لذلك. وجوب أن تكون الأسباب التي ركنت إليها سائغة ولها ما يساندها في أوراق الدعوى.1- من المقرر وفق ما تقضي به المواد 272، 275، 341 من قانون المعاملات التجارية أن النقل البري عقد يلتزم الناقل بمقتضاه مقابل أجر بأن يقوم بوسائله الخاصة بنقل شيء من مكان إلى آخر، ويتم عقد النقل بمجرد اقتران الإيجاب بالقبول ويعتبر تسلم الناقل للشيء محل النقل قبولاً منه بالإيجاب الصادر إليه.2- أن الوكالة بالعمولة للنقل عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل بأن يبرم باسمه ولحساب موكله عقد النقل مع الناقل مقابل عمولة يتقاضاها من الموكل ويكون في مركز الناقل بالنسبة للمرسل، وإذا تولى الوكيل النقل بوسائله الخاصة سرت عليه أحكام عقد النقل، ويجوز إثبات عقدي النقل والوكالة بالعمولة بكل طرق الإثبات المقررة قانونًا.3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا استند الخصم إلى دفاع قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي في الدعوى وقدم تأييدًا له مستندًا له دلالة معينة في شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه، فإنه يجب على محكمة الموضوع أن تعرض لهذا المستند وتقول رأيها في شأن دلالته إيجابًا أو سلبًا، وإلا كان حكمها قاصر البيان.
4- علاقة التبعية لا تقوم وفقًا للبند ب من الفقرة الأولى من المادة 313 من قانون المعاملات المدنية إلا بتوافر عنصر الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعليه في إصدار الأوامر إلى التابع وتنظيم كيفية أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذه، ورابطة العمل وإن كان لازمها الرقابة والتوجيه والإشراف من صاحب العمل على العامل إلا أن القانون حدد نطاق مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه بأن يكون العمل الضار واقعًا من التابع حاله تأدية وظيفته أو بسببها ما مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مسئولية المتبوع تقوم في حالة خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال الوظيفة أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر للخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه أو كلما استغل التابع وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، فيخرج عن نطاق مسئولية المتبوع ما يرتكبه التابع من خطأ إذا انتفت العلاقة بين الفعل الضار والوظيفة بأن يرتكب التابع العمل غير المشروع لحساب نفسه وليس لمصلحة متبوعه، ويحق للأخير إثبات هذه الواقعة بكافة طرق الإثبات القانونية ونفي علاقته بالمضرور أو بالفعل الضار ولو ثبت قيام علاقة عمل بين التابع والمتبوع، ومن المقرر أنه ولئن كان لقاضي الموضوع السلطة في استخلاص توافر علاقة التبعية أثناء ارتكاب العامل للفعل الضار، إلا أنه يتعين أن يركن في ذلك إلى أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق.5- من المقرر أنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب وأوردت أسبابًا لذلك فإنه يتعين أن تكون الأسباب التي ركنت إليها سائغة ولها ما يساندها في أوراق الدعوى.
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعدهما وتلاهما بالجلسة القاضي المقرر/ ........... وبعد المداولة. حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة ............ أقامت الدعوى رقم 714/2005 تجاري كلي – أمام محكمة دبي الابتدائية – على كل من: 1- ............ 2- ............ بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يدفعا إليها مبلغ 1.490.000 درهم والفائدة وذلك تأسيسًا على أنها تعاقدت مع المنشأة المدعى عليها الأولى على أن تقوم الأخيرة بالتخليص على البضاعة من ميناء راشد بدبي ونقلها إلى مخازنها بالشارقة، وتم التخليص من الجمارك في 17-5-2005 وأنه أثناء نقل الحاوية رقم 0710943 LMCU على الشاحنة رقم 28415 دبي التابعة للمنشأة المدعى عليها الثانية وقع لها حادث مرور بأن اصطدمت الحاوية بأعلى نفق الغدير بشارع الاتحاد عند عبور الشاحنة للنفق مما تسبب في إلحاق أضرار فادحة بمعدات الحاوية تقدر بالمبلغ المطالب به، وإذ أخفق المدعى عليهما في تنفيذ التزامهما ومن ثم فقد أقامت الدعوى، دفعت المنشأة المدعى عليها الثانية بانتفاء صفتها في الدعوى فأدخلت الشركة المدعية مؤسسة ............ للنقل العام مالكة الشاحنة للحكم مع الأولى بذات الطلبات، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيرًا في الدعوى لتقدير قيمة الأضرار وقدم تقريريه الأصلي والتكميلي حكمت بتاريخ 30-1-2007، أولاً: برفض الدعوى في مواجهة المنشأتين المدعى عليهما الأولى والثانية. ثانيًا: بإلزام الخصم المدخل (........ للنقل العام) بأن تؤدي للمدعية مبلغ 593.571 درهمًا والفائدة، استأنفت الشركة المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم 122/2007 تجاري طالبة الحكم لها بكامل طلباتها قبل المدعى عليها الأولى والخصم المدخل، كما استأنفته المؤسسة المحكوم عليها طالبة إلغاءه والقضاء مجددًا برفض الدعوى قبلها، ومحكمة الاستئناف بعد أن ضمت الشركة المدعية في هذا الحكم بالتمييز رقم 330/2007 تجاري بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 17-12-2007 طالبة نقضه، قدم محامي المنشأة المدعى عليها الأولى مذكرة بدفاعها طلب فيها رفض الطعن، كما طعنت المؤسسة المدخلة في هذا الحكم أيضًا بالتمييز رقم 340/2007 تجاري بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 23-12-2007 طالبة نقضه، وقدم محامي الشركة المدعية مذكرة بالرد طلب فيها رفض الطعن، كما قدم محامي المدعى عليها الأولى مذكرة بالرد طلب فيها رفض الطعن.أولاً: الطعن رقم 330/2007 تجاري.
حيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه أقام قضاءه بانتفاء صفة المطعون ضدها الأولى في الدعوى باعتبارها الناقلة للبضاعة المتضررة أن الشركة الطاعنة لم تقدم أي مستندات تثبت أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد طلبت أو تسلمت منها أجور نقل بالنسبة للبضاعة موضوع الدعوى، هذا في حين أنها قدمت بجلسة 26/3/2007 لمحكمة الاستئناف حافظة مستندات تضمنت فاتورة نقل بقيمة 14.491 درهمًا صادرة عن المطعون ضدها الأولى لقاء نقل البضاعة المتضررة وصورة من الشيك الذي بموجبه دفع أجر النقل إليها، لم يفطن الحكم إليها وإلى دلالتها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر وفق ما تقضي به المواد 272، 275، 341 من قانون المعاملات التجارية أن النقل البري عقد يلتزم الناقل بمقتضاه مقابل أجر بأن يقوم بوسائله الخاصة بنقل شيء من مكان إلى آخر، ويتم عقد النقل بمجرد اقتران الإيجاب بالقبول ويعتبر تسلم الناقل للشيء محل النقل قبولاً منه بالإيجاب الصادر إليه. وأن الوكالة بالعمولة للنقل عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل بأن يبرم باسمه ولحساب موكله عقد النقل مع الناقل مقابل عمولة يتقاضاها من الموكل ويكون في مركز الناقل بالنسبة للمرسل، وإذا تولى الوكيل النقل بوسائله الخاصة سرت عليه أحكام عقد النقل، ويجوز إثبات عقدي النقل والوكالة بالعمولة بكل طرق الإثبات المقررة قانونًا. ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا استند الخصم إلى دفاع قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي في الدعوى وقدم تأييدًا له مستندًا له دلالة معينة في شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه، فإنه يجب على محكمة الموضوع أن تعرض لهذا المستند وتقول رأيها في شأن دلالته إيجابًا أو سلبًا، وإلا كان حكمها قاصر البيان. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الشركة الطاعنة قدمت لمحكمة الاستئناف المستندين المشار إليهما في وجه النعي وكان من شأن هذين المستندين التأثير على مسار الدعوى من حيث ثبوت عقد النقل فيما بين الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي برفض الدعوى قبل الشركة المطعون ضدها الأولى على سند من أن الشركة الطاعنة (المدعية) لم تقدم أي مستندات تثبت أن الشركة المطعون ضدها الأولى (المدعى عليها الأولى) قد طلبت أو تسلمت منها أجور نقل بالنسبة للبضاعة موضوع الدعوى، رغم أن الشركة الطاعنة قدمت أمامها المستندين المشار إليهما، ولم يعرض الحكم لدلالتهما من حيث قيام علاقة تعاقدية بينهما بشأن نقل البضاعة موضوع الدعوى بعد أن فرغت الشركة المطعون ضدها الأولى من التخليص الجمركي عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف الثابت في الأوراق وشابه قصور في التسبيب مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. ثانيًا: الطعن رقم 340/2007 تجاري.
حيث إن مما تنعاه المنشأة الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أن الثابت بمستند تناوب المعدات "إذن التحميل" أن المطعون ضدها الثالثة (مجموعه ............) هي الناقل المتعاقد ومن ثم تكون هي المسئولة عن التعويض، لا يغير من ذلك استخدامها في تنفيذ عملية النقل المركبة والسائق التابعين للطاعنة طالما كان من حق الناقل المتعاقد أن يستخدم وسائل نقل غير مملوكة له وسائقين على غير كفالته وفي هذه الحالة يكون الناقل المتعاقد متبوعًا لهؤلاء يسأل عن أفعالهم مسئولية المتبوع عن أفعال تابعه، وأن واقعة استخدام مركبة الطاعنة تمت دون علمها ولحساب السائق شخصيًا فلا تسأل عنها، إذ أن مجرد هذه التبعية لا تكفي بمجردها للقول بمسئوليتها ولذلك تمسكت في دفاعها بعدم مسئوليتها لأنها ليست الناقل وأن عملية النقل تمت لحساب السائق دون علمها مما ينفي عنها المسئولية وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الواقعة إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الطلب رغم ما ينطوي عليه من دفاع جوهري وقضى بإلزامها بالتعويض استنادًا إلى قواعد مسئولية المتبوع عن أفعال تابعة يكون معيبًا بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن علاقة التبعية لا تقوم وفقًا للبند ب من الفقرة الأولى من المادة 313 من قانون المعاملات المدنية إلا بتوافر عنصر الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعليه في إصدار الأوامر إلى التابع وتنظيم كيفية أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذه، ورابطة العمل وإن كان لازمها الرقابة والتوجيه والإشراف من صاحب العمل على العامل إلا أن القانون حدد نطاق مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه بأن يكون العمل الضار واقعًا من التابع حاله تأدية وظيفته أو بسببها ما مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مسئولية المتبوع تقوم في حالة خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال الوظيفة أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر للخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه أو كلما استغل التابع وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، فيخرج عن نطاق مسئولية المتبوع ما يرتكبه التابع من خطأ إذا انتفت العلاقة بين الفعل الضار والوظيفة بأن يرتكب التابع العمل غير المشروع لحساب نفسه وليس لمصلحة متبوعه، ويحق للأخير إثبات هذه الواقعة بكافة طرق الإثبات القانونية ونفي علاقته بالمضرور أو بالفعل الضار ولو ثبت قيام علاقة عمل بين التابع والمتبوع، ومن المقرر أنه ولئن كان لقاضي الموضوع السلطة في استخلاص توافر علاقة التبعية أثناء ارتكاب العامل للفعل الضار، إلا أنه يتعين أن يركن في ذلك إلى أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق. كما أنه من المقرر أنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب وأوردت أسبابًا لذلك فإنه يتعين أن تكون الأسباب التي ركنت إليها سائغة ولها ما يساندها في أوراق الدعوى، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق المنشأة الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع أنه لم يحصل بينها وبين الشركة المدعية أي اتفاق على القيام بأعمال النقل التي قام بها سائق عربتها وأن هذا العمل قام به الأخير لحسابه الخاص دون تدخل منها وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الطلب على سند من أن الأوراق كافية بحالتها لتكوين عقيدة المحكمة للفصل فيها واستدل من مجرد قيام علاقة العمل بين الطاعنة والسائق الذي ارتكب الخطأ الناجم عنه الضرر على قيام علاقة التبعية بينهما، حال أن قيام رابطة العمل لا تنهض بذاتها دليلاً على توافر التبعية عند ارتكاب السائق للفعل الضار، ورتب على ذلك مسئولية الطاعنة عن أعمال السائق دون أن يعرض في أسبابه عما إذا كان للطاعنة السلطة الفعلية عليه أثناء قيامه بالفعل الضار الذي تسبب في الضرر ورفض إجابة الطاعنة إلى طلبها إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام السائق بالعمل لحسابه الشخصي وليس لحسابها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
جلسة الاثنين الموافق 18 من أكتوبر سنة 2010
برئاسة السيد القاضي الدكتور/ عبد الوهاب عبدول – رئيس المحكمة.
وعضوية السادة القضاه/ شهاب عبد الرحمن الحمادي وفلاح شايع الهاجري وأمين أحمد الهاجري وعبد العزيز محمد عبد العزيز.
(2)الطعن رقم 549 لسنة 2008 مدني
(المقيد برقم 2 لسنة 2009 هيئة عامة)
المحكمة
حيث- إن الوقائع على- ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 12 لسنة 2001 مدني كلي خور فكان ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا مبلغ 2.200.000 درهم تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم من جراء وفاة مورثهم نتيجة العملية الجراحية التي أجراها له تابعي الطاعنين وقضى بإدانتهما عن واقعة تسببهما بخطئهما وعدم احترازهما في وفاته وذلك في الدعوى رقم 191 لسنة 2007 جزاء خور فكان وأصبح هذا الحكم نهائيًا، مما يستوجب تعويضهما فكانت الدعوى، ومحكمة أول درجة قضت بإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضدهم مبلغ 300.000 درهم تعويضًا ماديًا يقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية، استأنف المطعون ضدهم بالاستئناف رقم 21 لسنة 2008، كما استأنف الطاعنان بالاستئناف رقم 22 لسنة 2008، ومحكمة الاستئناف قضت بجلسة 27/7/2008 برفض الاستئناف الأول، وفي الاستئناف الثاني بتعديل المبلغ المقضي به إلى مبلغ 200.000 درهم. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وعرض الطعن على الدائرة المدنية بالمحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة 1/4/2009 أحالت الدائرة الطعن إلى الهيئة المشكلة وفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا للفصل فيه على سند من أن هذه المحكمة أصدرت أحكامًا تقرر أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ليست مسئولية أصلية عن الفعل الضار الذي وقع من التابع ولا تقوم على الخطأ المفترض، بما مؤداه أنه لا يجوز اختصام المتبوع وحده في الدعوى دون التابع. بينما صدرت أحكام أخرى قررت مبدأ عدم اشتراط اختصام التابع في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع وحده، ومن ثم فإن الدائرة وهي بصدد الفصل في الطعن المرفوع ترى أن هناك مبدأين متعارضين يتصلان بالنزاع المطروح بما يلزم إقرار أحدهما دون الآخر.
وحيث أن الهيئة إذ نظرت الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة، فقد قررت حجزه للحكم فيه بجلسة اليوم.
وحيث إن نص المادة 313 من قانون المعاملات المدنية الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 وتعديلاته على أنه 1- لا يسأل أحد عن فعل غيره ومع ذلك فللقاضي بناء على طلب المضرور إذا رأى مبررًا أن يلزم أيا من الآتي ذكرهم حسب الأحوال بأداء الضمان المحكوم به على من أوقع الضرر:- أ- من وجب عليه قانونا أو اتفاقًا رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره أو حالته العقلية أو الجسمية إلا إذا ثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان لا بد واقعًا ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية. ب) من كانت له من وقع منه الأضرار سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ولم يكن حرًا في اختياره إذا كان الفعل الضار قد صدر من التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها. 2- ولمن أدى الضمان أن يرجع بما دفع على المحكوم عليه به دل على أن المشرع –حسبما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون السالف البيان– وضع قاعدة مؤداها أنه لا يسأل أحد عن فعل غيره إعمالاً للمبدأ المقرر في الشريعة الإسلامية من أنه لا يسأل إنسان عن ضرر أحدثه غيره التزامًا بقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى وقوله تعالى لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وقوله تعالى كل نفس بما كسبت رهينة على اعتبار أنها لا تقر مبدأ افتراض الخطأ سواء فيه ما يقابل إثبات العكس وما لا يقبله، إنما يسأل عن هذا الخطأ فاعله مسؤولية أصلية وبالتالي تحمله تبعة الضرر وتعويض المضرور عنه متى تحققت موجباته، إلا أن المشرع خروجًا على هذا الأصل أجاز مساءلة الإنسان عن أفعال غيره في حالات أوردها حصرًا في المادة 313 سالفة الذكر والتي من بينها مسئولية المتبوع عن أفعال تابعه على أساس أن مسئوليته تبعية وعن ضمان الضرر الذي تسبب في إحداثه تابعه بعمله غير المشروع، وليست مسئوليه أصلية تأسيسًا على عدم افتراض الخطأ في جانبه وأنه لم يقع منه أي فعل ترتب عليه مباشرة وقوع الضرر بالغير، والحكمة التي تغياها المشرع من تقرير مسئولية المتبوع عن أفعال تابعه هي –كما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية– سد الحاجة العملية التي تقتضيها المصلحة وصيانة حقوق المضرور، خشية إملاق التابع -مع عدم الخروج عن مبدأ ألا يسأل شخص عن فعل غيره ولو في ماله– وذلك بإعطاء الحق للقاضي إذا وجد مبررًا من الظروف أن يقضى بناء على طلب المضرور بإلزام المتبوع بأداء الضمان الذي حكم به على المسئول أصلاً أو لا يحكم به عليه ويقصر حكمه على التابع إعمالاً للسلطة التقديرية الممنوحة له بمقتضى نص المادة 313 سالفة البيان بدلالة عبارته من أنه ومع ذلك فللقاضي بناء على طلب المضرور إذا رأى مبررًا أن يلزم أيا من الآتي ذكرهم حسب الأحوال .. على أن يكون له –أي المحكوم عليه– حق الرجوع على المتسبب بفعله غير المشروع بما دفعه عنه رعاية للمضرور، مما مفاده أن المتبوع بهذه المثابة يعتبر في حكم الكفيل المتضامن مع تابعه بما يتسبب به الأخير من ضرر للغير على أساس أنه المسئول التبعي ويعطيه حق الرجوع بما يدفعه عن المسئول الأصلي الذي يستقر عليه الضمان، وهذا ما تقوم عليه مذكرة الضمان غير المستقر في المسئولية التبعية عن فعل الغير في الفقه الإسلامي والتي يشترك فيها التابع والمتبوع بحكم واحد هو المسئولية التبعية بأداء الضمان للمضرور، بما مؤداه أن مسئولية المتبوع عن الضمان لا تقوم إلا تبعًا لتحقق مسئولية تابعه عن الفعل الضار وتحمله الضمان المحكوم به عليه، بمعنى أن مسئولية المتبوع ترتبط وجودًا وعدمًا بمدى ثبوت مسئولية التابع عن هذا الضمان وهو ما يتفق مع مقصود المشرع بما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية من ... بأداء الضمان الذي حكم به على المسئول أصلاً... بما لا يجوز معه الحكم على المتبوع بأداء الضمان قبل أن يستقر في ذمة تابعه وتتقرر مسئوليته عنه وهو ما يلزم معه اختصام التابع إلى جانب المتبوع في الدعوى التي يرفعها المضرور على الأخير توصلاً إلى ثبوت مسئولية التابع عن الضمان والحكم عليه به ومن ثم إلزام المتبوع بأدائه منفردًا بالتضامن مع تابعه –حسب الأحوال– والقول بجواز رجوع المضرور على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى ينطوي على الخروج عن قصد المشرع كما سلف بيانه وتأسيس مسئولية المتبوع على فكرة الخطأ المفترض ومردها إلى سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته وهو مالا يقره القانون –حسبما بينته المذكرة الإيضاحية في هذا الخصوص– وترتيبًا على ما تقدم فإن مسئولية المتبوع عن الضمان تستلزم بداءة ثبوت مسئولية التابع عنه وهي مسألة أولية يترتب على ثبوتها التزام المتبوع بأداء الضمان للمضرور، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع فإنه يتعين رفض دعوى الضمان قبل المتبوع على أساس أن مسئولية التابع أصلية بينما مسئولية المتبوع تبعية، والتابع تابع ولا ينفرد بالحكم.
وحيث إن الهيئة إذا خلصت على النحو المشار إليه في المساق المتقدم إلى وجوب اختصام التابع في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع، وكانت ثمة أحكام صدرت من هذه المحكمة تسير في هذا الاتجاه وذلك في الطعون أرقام 24 ق لسنة 11 شرعي مدني و 728 لسنة 24 ق نقض مدني و 237 لسنة 25 ق نقض مدني ومن ثم فإن الهيئة تقر المبدأ الذي ارتأته في هذا الخصوص دون ما يخالفه في الطعون الأخرى.
وحيث قضاء الهيئة بالمحكمة قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى دوائر المحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة للنظر في العدول عن مبدأ مستقر يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضًا من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين، فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، إنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة.
وحيث إن الطعن سبق الحكم باستيفاء أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الخصومة في الدعوى اقتصرت عليهما دون تابعهما المتسبب في الفعل الضار ولا تستقيم الدعوى باختصامهما دونه، وإذا قضى الحكم المطعون فيه بإلزامهما بالمبلغ المحكوم به فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت الهيئة قد انتهت في قضائها على نحو ما تقدم إلى وجوب اختصام التابع إلى جانب المتبوع في الدعوى التي يرفعها المضرور على الأخير كشرط إجرائي لقبول الدعوى.
وكان الحكم المطعون فيه إذ تبنى المبدأ الذي عدلت عنه الهيئة على النحو السالف بيانه بقضائه بإلزام الطاعنة بالضمان دون اختصام تابعيهما مما يوجب نقضه لهذا السبب دونما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. وحيث إن الموضوع صالحًا للفصل فيه.
لذلك
حكمت الهيئة:-أولاً: بإقرار المبدأ القانوني الصادر في الطعون (41 لسنة 17 شرعي مدني و728 لسنة 24 نقض مدني و237 لسنة 25 ق نقض مدني) المتضمن عدم جواز اختصام المتبوع وحده دون التابع، دون ما يخالفه من مبادئ أخرى في هذا الخصوص.
ثانيًا: في الطعن 549 لسنة 2008 بنقض الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم الرسم والمصاريف وخمسمائة درهم مقابل أتعاب المحاماة للطاعنين ويرد التأمين إليهما. وفي موضوع الاستئنافين رقمي 21 و22 لسنة 2008 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى وألزمت كل مستأنف رسم ومصاريف استئنافه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.