محاكم دبي - محكمة التمييز - المكتب الفني
العدد السابع عشر (حقوق) - الجزء الثاني (من سبتمبر إلى ديسمبر 2006م) - صـ 1649
جلسة الأحد 26 نوفمبر 2006
برئاسة السيد القاضي/ محمد محمود راسم - رئيس محكمة التمييز، وعضوية السادة القضاة: فتيحة محمود قره، ضياء الدين علي أبو الحسن، سعيد عبد الحميد فوده، حسن محمود الأبياري.
(243)الطعن رقم (154) لسنة 2006 (طعن مدني)
حظر الجمع بين الدية الشرعية أو الأرش وبين التعويض - نطاقه خروج التعويض المستحق لورثة المضرور عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب فقدهم لمورثهم عن نطاق هذا الحظر.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدية الشرعية هي عقوبة أصلية مقررة قانونًا فضلاً عن كونها تعد بمثابة تعويض وأن توزيعها بهذا الوصف بنسبة درجة الخطأ المنسوب لكل من المتهم والغير على أساس اشتراكهما فيه والذي أدى إلى الوفاة ليس فيه افتئات على قيمتها الأصلية المحددة قانونًا ما دام أن هذه القيمة هي الذي اتخذت أساسًا في التوزيع لأن الدية الكاملة بقيمتها المحددة لا يقضى بها كاملاً إلا في حالة ثبوت الخطأ الكامل في جانب المتهم الذي لا يكون للمجني عليه أو لغيره مساهمة مباشرة فيه، ومن ثم يجوز للقاضي الجزائي إنقاص قيمة الدية الشرعية لورثة المتوفى إذا ثبت أن للمجني عليه أو غيره قد ساهم في الخطأ المنسوب للجاني والذي ترتب عليه الوفاة.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفق ما تقضي به المادة (299) من قانون المعاملات المدنية أن المحظور هو الجمع بين الدية الشرعية أو الأرش وبين التعويض عما يلحق بشخص المضرور نتيجة الإيذاء الواقع عليه أما التعويض المستحق لورثته عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب فقدهم لمورثهم فإنه يخرج عن نطاق التعويض الذي عناه المشرع بحظر الجمع بينه وبين الدية أو الأرش وبالتالي فإنه يجوز للقاضي الجمع بين الدية المستحقة لورثة المتوفى، وما يكون قد لحق أشخاصهم من أضرار أدبية.-
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفق ما تقضي به المادة (299) من قانون المعاملات المدنية أن المحظور هو الجمع بين الدية الشرعية أو الأرش وبين التعويض عما يلحق بشخص المضرور نتيجة الإيذاء الواقع عليه أما التعويض المستحق لورثته عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب فقدهم لمورثهم فإنه يخرج عن نطاق التعويض الذي عناه المشرع بحظر الجمع بينه وبين الدية أو الأرش وبالتالي فإنه يجوز للقاضي الجمع بين الدية المستحقة لورثة المتوفى، وما يكون قد لحق أشخاصهم من أضرار أدبية، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بتعويض المطعون ضدهما عن الضرر الأدبي الذي لحق بهما من جراء وفاة مورثتهما بالإضافة إلى قيمة الدية كاملة المقررة قانونًا فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال إذ قضى باستحقاق المطعون ضدهما للتعويض عن الضرر الأدبي رغم أنه لم يصبهما أي ضرر نفسي أو معنوي إذ تقدما فور وفاة ابنتهما بطلب إعلام وراثة وطلب والدها الدية الشرعية من الشركة الطاعنة مما ينفي الضرر المدعى به، هذا فضلاً عن أن تقدير هذا التعويض قد جاء مبالغًا فيه بما يوجب إنقاصه إلى مبلغ خمسة آلاف درهم وهو ما يتناسب لجبر هذا الضرر، ومن ثم فإن الحكم يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص عناصر الضرر التي لحقت بالمضرور وتقدير قيمة التعويض الجابر لها ومراعاة الظروف الملابسة له هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ما دام لا يوجد في القانون نص يوجب اتباع معايير معينة للتقدير، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده بأسبابه من أن (وفاة مورثة المدعيين وهما والدها ووالدتها قد تسبب في آلام نفسية بالنظر إلى طبيعة الحادث وصغر سن ابنتهما فإن المحكمة تقدر هذا التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحق بهما بمبلغ مائة ألف درهم) وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع في شأن استخلاص ثبوت الضرر الأدبي الذي لحق بالمطعون ضدهما سائغًا بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون، ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز وبالتالي فهو غير مقبول.وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن..
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 23-11-2017 بمقر محكمة التمييز بدبي في الطعــن رقــم 464 لسنة2017 طعن مدني
طاعن:شركة ..........................)مطعون ضده:............................الحكم المطعون فيه:الصادر بالطعن رقم 2017/691 استئناف مدنيبتاريخ 18-09-2017
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه في جلسة المرافعة السيد القاضي المقرر- سعد زويل ـــ وبعد المداولة. حيث إن الوقائـع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 947 لسنة 2017 مدنى جزئي أمام محكمة دبى الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 500,000 درهم تعويضاً ، وذلك تأسيساً على أنه بتاريخ 23 ـــ 4 ـــ 2016 تسبب قائد السيارة رقم ............. ــ و المؤمن عليها لدى الطاعنة ــ بخطئه في إصابته بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي المقدم في الدعوى رقم 3742 لسنة 2016 مستعجل الشارقة ، وقد أدين قائد السيارة عن ذلك بحكم بات في القضية رقم 1663 لسنة 2016 جنح ومخالفات المرور ، وإذ حاق به من جراء خطئه أضرار مادية وأدبية يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به ، ومن ثم فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 16 ــ 5 ــ 2017حكمت المحكمة بالزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده مبلغ300.000 درهم ، والفوائد القانونية بواقع 9 % من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً وحتي تمام السداد، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 691 لسنة 2017 مدنى، كما استأنفته الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 745 لسنة 2017 مدنى، وبتاريخ 18 ــ 9 ــ 2017 قضت المحكمة في موضوع الاستئنافين : بإلغاء الفائدة المقضي بها في الحكم المستأنف 0 وبتعديل الحكم المستأنف بزيادة التعويض إلى مبلغ 500.000 درهم ( خمسمائة ألف ) ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 23ــ 10ـــ2017 طلبت فيها نقضه ، وقدم محامى المطعون ضده مذكرة بدفاعه ـــ في الميعاد ـــ طلب فيها رفض الطعن .وحيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين:
تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك أنها تمسكت في دفاعها أن الثابت من التقرير الطبي إصابة المطعون ضده بنسبة عجز مقدارها 100% من الطبيعة الأصلية للطرف العلوى الأيمن ، ونسبة عجز مقدراها 10 % من الطبيعة الأصلية للقدم اليسرى ، وأن شروط ملحق وثيقة التأمين حددت التعويض بأن يكون نسبى من مبلغ 200.000 درهم وهو الحد الأقصى المقرر للتعويض لأى حالة ، الأمر الذى يكون معه التعويض الجابر للمطعون ضده وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والآرش المقدر هو مبلغ 110.000 درهم ، وأن المضرور لم ينكر أنه ليس من العاملين لدى الشركة المؤمنة لديها ، وأن الحادث لم يقع أثناء العمل وبسببه ، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بمبلغ التعويض المقضي به دون الالتزام بمعايير الآرش المقررة بأحكام الشريعة الإسلامية ، كما جمع بين التعويض عن الأضرار البدنية وبين التعويض عن الضرر الأدبي بالمخالفة لنص المادة 299 من القانون المدني ، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 282 من قانون المعاملات المدنية على أن ((كل إضرار بالغير يُلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر))، وفي المادة 292 منه على أنه ((يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار))، وفي المادة 293 منه على أنه ((1- يتناول حق الضمان الضرر الأدبي ...))، وفي المادة 299 من ذات القانون على أنه ((يلزم التعويض عن الإيذاء الذي يقع على النفس. على أنه في الحالات التي تستحق فيها الدية أو الأرش فلا يجوز الجمع بين أي منهما وبين التعويض ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك )) ، يدل على أن الأصل في تقدير التعويض في قانون المعاملات المدنية أن يكون كاملاً جابراً لكافة عناصر الضرر جميعها متى كان هذا الضرر نتيجة طبيعية للفعل الضار ، وكان الضرر الناجم عن الإيذاء الذي يقع على النفس تتعدد عناصره وتنقسم إلى ضرر مادي مباشر هو العدوان على حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه باعتباره من الحقوق التي كفلها القانون والشريعة الإسلامية على السواء وجرما التعدي عليه ، ومن ثم فإن المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق ويتحقق بمجرده قيام الضرر المادي ، كما يشمل ما يلحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب كعجزه الدائم أو المؤقت عن القيام بعمله الذي يرتزق منه أو ما يتكبده من نفقات وتكاليف للعلاج لأن مثل هذه الأضرار تُعد إخلالاً بمصلحة مالية يتوافر به الضرر المادي أيضاً ، وكذلك يشمل الضرر المعنوي أو الأدبي المتمثل في الآلام النفسية التي تصيب المضرور ، وكان تقدير التعويض عن النفس التي هلكت أو الأعضاء التي أتلفت وفقاً لأحكام الدية الشرعية التي تتسم بالموضوعية البحتة إذ تقوم على تحديد مقدار التعويض تحديداً تحكمياً آمراً ثابتاً لا يتغير لا شأن لتقديره بالظروف الخاصة للمضرور هو أمر يتفق وطبيعة هذا العنصر من عناصر الضرر عن أذى النفس لأن محله جسم الإنسان الذي هو في ذاته قيمة مطلقة يتساوى فيها جميع الأفراد ، فلا يسوغ أن يختلف التعويض عن الضرر المتعلق بالنفس الإنسانية وما دونها باختلاف الأشخاص ، وإنما يتعين أن يكون مقداره واحداً يستوى فيه الناس جميعاً ، في حين أن الأضرار المالية أو المعنوية المترتبة على أذى النفس الأصل فيها أنها بطبيعتها تتفاوت من إنسان لآخر ويدخل في تقدير التعويض عنها الظروف الشخصية للمضرور ، فيقدر بمعيار ذاتي يعتد بالسن والجنس والحالة الاجتماعية والصحية إلى غير ذلك من الظروف الشخصية التي تجعل أثر الفعل الواحد متبايناً من شخص لآخر ، ويترك للقاضي تقدير التعويض الذي يراه جابراً لهذه الأضرار التي يتعذر وضع ضوابط محددة لها وتختلف من شخص لآخر ، فإن اعتبار الدية الشرعية تعويضاً عن الإصابة بوصفها في ذاتها ضرراً مستقلاً عن الأضرار المادية أو الأدبية المترتبة على هذه الإصابة أو مقابلاً لضرر الموت في ذاته مجرداً عن كل ظرف يجعل منه فعلاً ضاراً موجباً للمسئولية المدنية في تحديد المقصود بحظر الجمع بين الدية والأرش وبين التعويض في مفهوم نص المادة 299 من قانون المعاملات المدنية كما يتفق مع طبيعة عناصر الضرر فإنه يستحق وينسجم مع باقي أحكام هذا القانون في مجموعها ، ومن شأنه نفي التناقض بين هذا النعي وما تقضي به المادة 292 من ذات القانون من تقدير الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب ، وكذلك ما تقضي به المادة 193 من نفس القانون من أحقية المضرور في التعويض عن الضرر الأدبي ، فضلاً عن أن ذلك التفسير من شأنه أن يجعل لقاضي الموضوع من سلطان التقدير ما يكفل له تقدير التعــــــــويض المستحق للمضرور تقديراً جابراً لكافة عناصر الضرر الناجم عن أذى النفس، وهو ما يفرضه المبدأ العام والجوهري في الشريعة الإسلامية الذي يقضي برفع الضرر مطلقاً لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضَرر ولا ضِرار " والقاعدة الأصولية المستمدة منه وهي الضرر يزال ، ذلك أن لفظ الضرر في الإطلاق اللغوي وبالمعنى الذي جاءت به النصوص الشرعية يعني الأذى والضيق على أي نحو ، وبهذا الاعتبار فإن مفهوم الضرر في مجموع الآراء الفقيه الأقوى دليلاً مفهوم عام شامل لكل أذى يلحق الإنسان سواء في ماله أو نفسه أو جسمه أو سمعته أو شرفه أو أي حق من الحقوق التي كفلها الشارع الحكيم ، ولذا فإن الحظر المنصوص عليه في المادة 299 سالفة البيان يكون مقصوراً على الجمع بين الدية والآرش وبين التعويض عن الإصابة ذاتها أو فقدان الحياة ، ومن ثم أحقية المضرور في التعويض عن الأضرار المادية أو الأدبية المترتبة عليهما ، ولا وجه لقياس تقدير التعويض في نطاق المسئولية المترتبة على الفعل الضار طبقاً للقواعد العامة على قواعد وأحكام الدية الشرعية لاختلاف كل منهما في مصدر الالتزام وطبيعته وفي نوع التعويض ومداه ، ولما تقدم فإن القاضي لا يتقيد في تقدير التعويض الجابر للضرر الناجم عن الفعل الضار في غير الحالات التي تستحق فيها الدية أو الآرش بمقدارهما ولا أن يتخذ من قيمتهما معياراً للتقدير ، ولذا قد استقر قضاء هذه المحكمة على أن تقدير قيمة التعويض عن الأضرار الجسدية والمعنوية التي لحقت بالمضرور هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون التزام عليها بتقدير التعويض للمضرور بنسبة معينة من قيمة الدية ، طالما أنها بينت عناصر الضرر التي لحقت بالمضرور ومدى أحقيته في التعويض عنها حسبما تستخلصه من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ، ذلك أن القانون لم يحدد معايير معينة لتقدير التعويض عن الأضرار الجسدية والمعنوية ، ولا تثريب عليها إذا هي قضت بتعويض إجمالي عن أضرار متعددة ما دامت قد ناقشت كل عنصر على حدة وبينت وجه أحقية طالب التعويض فيه ، ومن المقرر أن النص في المادة 29 من القانون رقم 21 لسنة 1995 في شأن السير والمرور والمادة 148 من القرار الوزاري رقم 130 لسنة 1997 بإصدار اللائحة التنفيذية المعدل يدل على أن المشرع قد أخذ بنظام التأمين الإجباري على المركبات الميكانيكية لمصلحة الغير مما يجعل للمضرور حقاً ذاتياً مصدره القانون يوفر له الصفة والمصلحة في رفع دعواه على الشركة المؤمنة على المركبة التي تسبب قائدها في وقوع الحادث ومطالبتها بالتعويض عما لحقه من إصابات بدنية وأضرار مادية دون أن يحق للشركة المؤمن لديها الاحتجاج قبل المضرور بالشروط الاستثنائية التي تستبعد مسئوليتها عن تغطية الأضرار التي نتجت عن الحادث وفقاً لعقد التأمين وذلك باعتبار أن المضرور يُعد من الغير ويستمد حقه من القانون مباشرة ، إلا أنه يجوز لها التمسك بهذه الاستثناءات قبل المؤمن له التزاماً بأحكام العلاقة التعاقدية القائمة بينهما ، وكان النص في البند الأول من الفصل الثاني من الوثيقة الموحدة ضد الفقد والتلف والمسؤولية المدنية على أن (( تلتزم الشركة في حال حدوث حادث نتج أو ترتب على استعمال السيارة المؤمن عليها بتعويض المؤمن له في حدود مسئوليتها المنصوص عليها في هذه الوثيقة عن جميع المبالغ التي يلتزم المؤمن له قانوناً بدفعها بصفة تعويض عن (أ) الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص بما في ذلك ركاب السيارة ما عدا المؤمن له شخصياً وقائد السيارة وقت الحادث وأفراد عائلتهما ـ الزوج والوالدين والأولاد ـ والأشخاص الذين يعملون لدى المؤمن له إذا ما أصيبوا في أثناء العمل وبسببه )) يدل على أن حكم هذا النص إنما يسري فقط على العلاقة التأمينية بين الشركة المؤمنة وبين المؤمن له وقائد السيارة المؤمن عليها ، ولا يمتد هذا الحكم الى المضرور من الغير بحيث يحق لمن لحقه ضرر من الغير نتيجة استعمال السيارة المؤمن عليها مطالبة شركة التأمين بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة خطأ قائد السيارة المؤمن عليها ، ولو كان من عمال المؤمن له وكانت الإصابة أثناء العمل وبسببه ، لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي بعد أن التزم بالحجية التي اكتسبها الحكم الجزائي البات الذي قضى بإدانة قائد السيارة المؤمن عليهــــــــــــا لدى الطاعنة قد أوضح في أسبابه التي أقرها الحكم المطعون فيه عناصر الضرر التي لحقت المطعون ضده ، وبين أحقيته في التعويض عن كل عنصر بما أورده بأسبابه من أنه ((......بالاطلاع على تقرير الطب الشرعي في الدعوى رقم 3742 لسنة 2016 مستعجل الشارقة والذى تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به محمول على أسبابه وتجعله مكمل لأسباب هذا القضاء ، قد انتهى إلى أن المدعي ( المطعون ضده ) تخلف لدية عاهة جراء الاصابة بواقع 100% من الطبيعة والقدرات الوظيفية الأصلية للطرف العلوى الأيمن المصاب وعجز يقدر بواقع 10% من الطبيعة والقدرات الوظيفية الأصلية للقدم اليسرى للمصاب المذكور ، الأمر الذى تنتهى معه المحكمة إلى القضاء للمدعي بتعويض مادى على إصابته التي آثرت على قدرته على الكسب ، فضلاً عما لحق به من أضرار أدبية تمثلت في آلمه و حزنه من جراء إصابته واستمرار تلك المعاناة معه وتقدر المحكمة التعويض المادي والأدبي ...بمبلغ ثلاثمائة ألف درهم .....)) وكانت محكمة الاستئناف قد مارست سلطتها في تقدير محكمة أول درجة لتحديد مقدار التعويض ورأت أن مبلغ التعويض المحكوم به غير مناسباً لجبر الأضرار التي لحقت بالمطعون ضده فقضت بتعديله بالزيادة إلى مبلغ 500 ألف درهم لما صرحت به في حكمها من أن ((... الثابت من تقرير الطبيب الشرعي بالشارقة المؤرخ في12-10-2016 تعرض المدعي ................. ( المطعون ضده ) لحادث مروري بتاريخ23-4-2016 تم نقله إثر ذلك إلى مستشفى ............. بدبي حيث تم إدخاله وعلاجه حتى تاريخ الخروج من المستشفى في 1-5-2016 000 وبعد فحص المذكور بتاريخ9-10-2016 بمقر الطب الشرعي بمحكمة الشارقة تبين أن إصاباته إصابات رضية بطبيعتها نشأت عن الحادث المذكور بالأوراق وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة، وقد استقرت حالته كما هو مثبت بصلب التقرير وتخلف لديه ما يلي : ( - كسر مركب مفتت بعظمة العضد الأيمن مع تضرر أعصاب الطرف العلوي الأيمن تم علاجه بالجراحة المفتوحة والتثبيت المعدني ، وتخلف عن ذلك شلل تام وضمور بالطرف العلوي الأيمن ، وهو ما يعد عاهة مستديمة وعجزاً دائماً يقدر بواقع 100% من الطبيعة والقدرات الوظيفية الأصلية للطرف العلوي الأيمن للمصاب المذكور كسر بالعظم الزورقي بالقدم اليسرى تم علاجه بالجراحة المفتوحة والتثبيت المعدني، وتخلف عن ذلك ألم ومحدودية حركية بسيطة بالكاحل الأيسر ، وهو ما يعد عاهة مستديمة وعجزاً دائماً يقدر بواقع 10% من الطبيعة والقدرات الوظيفية الأصلية للقدم اليسرى للمصاب المذكور) ، لما كان ذلك فإن المحكمة بما لها من سلطة في تقدير التعويض فإنها تقدر التعويض عن الأضرار المادية اللاحقة بالمدعي ................. - البالغ من العمر 52 عاما - المتمثلة بإصاباته الجسدية آنفة الذكر وعن الأضرار الأدبية والنفسية المتمثلة بما عاناه ويعانيه من آلام جسدية ونفسية من جراء تللك الإصابات وما آلت إليه حالته بمبلغ إجمالي مقداره خمسمائة ألف درهم ، ومن ثم تعديل مبلغ التعويض المقضي به على هذا النحو ، ورفض طلب شركة التأمين المستأنفة ( الطاعنة ) الاحتياطي " بقصر مبلغ التعويض على مبلغ 110.000درهم وفقاً لشروط ملحق وثيقة التأمين التي حددت سقف التعويض لركاب السيارات التي يشملها التأمين بمبلغ 200.000درهم " ، ذلك أن المدعي المضرور حتى وإن كان من عمال الشركة المؤمنة على السيارة المتسبب سائقها بالحادث يعتبر من الغير بالنسبة إلى العلاقة التأمينية القائمة بين شركة التأمين وبين الشركة المؤمنة على السيارة المتسببة بالحادث ...ويحق له .... مطالبة شركة التأمين بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة خطأ قائد السيارة المؤمن عليها، ......وحيث أنه ولما سلف بيانه فإن المحكمة تقضي بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة لمبلغ التعويض المقضي به .....)) ، وإذ كان هذا الذي خلصت إليه المحكمة المطعون في حكمها له أصله الثابت بالأوراق ومما يدخل في نطاق سلطتها في تقدير التعويض المستحق للمطعون ضده ، ومن ثم فإن النعي برمته لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
لــــــــــــــــــذلك
حكمت المحكمة: برفض الطعن، وبإلزام الطاعنة بالمصروفات وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.