دائرة العدل (دبي) - محكمة التمييز - المكتب الفني
العدد الرابع عشر - الجزء الأول (حقوق) - عام 2003 - صـ 838
جلسة الأحد 22 يونيو 2003
برئاسة السيد القاضي/ محمد محمود راسم - رئيس محكمة التمييز، وعضوية السادة القضاة: زكي إبراهيم المصري، عبد المنعم محمد وفا، فتيحة محمود قره، زهير أحمد بسيوني.
(139)
الطعن رقم (195) لسنة 2003 (حقوق)
عقد (انعقاد العقد)
1-انعقاد العقد واعتباره ملزمًا - شرطه.
عقد (شروط العقد) - مسؤولية (الإعفاء من المسؤولية).
تضمين العقد شروطًا تشدد أو تخفف مسؤولية المتعاقد - جائز طالما أن هذه الشروط لا تتعارض مع النصوص القانونية الآمرة أو تخالف النظام العام أو الآداب - عدم جواز الإعفاء من المسؤولية عن الفعل العمدي من جانب المدين أو ما يأتيه من غش أو خطأ جسيم..
من المقرر قانونًا أنه لا يعتبر العقد تامًا ملزمًا إلا بقيام الدليل على تلاقي إرادتي المتعاقدين على قيام الالتزام محل العقد ونفاذه وفقًا لشروطه وبنوده..
- النص في المواد (2)، (5)، (6) من قانون المعاملات التجارية والمادة (383)، (296) من قانون المعاملات المدنية يدل على أنه يجوز للمتعاقدين تضمين العقد المبرم بينهما ما يحقق مصلحتهما أو مصلحة أحدهما من شروط بما في ذلك شروط تتعلق بتشديد أو تخفيف مسؤولية المتعاقد طالما أن هذه الشروط لا تتعارض مع النصوص القانونية الآمرة وبما لا مخالفة فيها للنظام العام أو الآداب، فلا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية عن الفعل العمدي من جانب المدين أو ما يأتيه من غش أو خطأ جسيم، ومن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص ثبوت الخطأ الموجب للمسؤولية أو نفيه وكذا ما إذا كان هذا الخطأ جسيمًا من عدمه، واستخلاص الضرر المطالب بالتعويض عنه أو نفيه وعلاقة السببية بين هذا الخطأ وذلك الضرر أو نفيها هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغًا ومستمدًا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى وأدلتها.
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر .... والمرافعة وبعد المداولة,حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الشركة الطاعنة (.... فرع الشارقة بصفتها مالكة السفينة ....) أقامت على المطعون ضدها (....) الدعوى رقم (255) لسنة 1997 تجاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 40/ 4.856707 درهمًا والفوائد من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، وقالت في بيان ذلك إنها بتاريخ 30/ 7/ 1995 طلبت من المدعى عليها القيام بإصلاح المولد التوربيني للسفينة .... لتشغيله بصورة مرضية، فوافقت الأخيرة ووعدت بإرسال الفنيين المختصين بها لإنجاز أعمال الإصلاح، وإذ تأخرت في تنفيذ هذه الأعمال كما استخدمت عمال فنيين غير مهرة، وأدى ذلك إلى تلف المولد التوربيني وتوقفه تمامًا عن العمل، وفقدان السفينة كل طاقتها الكهربائية، ولحق المدعية (الطاعنة) أضرار بالغة من جراء إهمال وخطأ المدعى عليها تعادل قيمتها مبلغ التعويض المطالب به، ومن ثم فقد أقامت الدعوى, حكمت المحكمة بندب خبير، وبعد أن قدم الخبير تقريره، حكمت بتاريخ 30/ 6/ 1999 بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعية المبلغ المطالب به والفوائد بواقع 9% سنويًا من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد, استأنفت المدعى عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم (1072) لسنة 1999 حقوق, وبتاريخ 9/ 4/ 2000 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء المعاينون العرب لمباشرة المهمة المبينة في منطوق هذا الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره، حكمت بتاريخ 27/ 5/ 2001 بتعديل الحكم في شأن قيمة المبلغ المقضى به وبإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية بصفتها مبلغ 3/ 4.018070 درهمًا وبتأييده فيما عدا ذلك, طعنت المدعى عليها في هذا الحكم بطريق التمييز بموجب الطعن رقم (283) لسنة 2001 حقوق, وبتاريخ 4/ 11/ 2001 حكمت المحكمة بنقض الحكم وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، وذلك تأسيسًا على ما شاب الحكم من قصور في التسبيب إذ لم يعرض لدفاع المدعى عليها بأن الاتفاق بين الطرفين قصر مسئوليتها على الإهمال الفادح كما قصر التعويض على الأضرار المباشرة ولم يعنِ الحكم بتمحيص المستندات التي ركنت إليها المدعى عليها في هذا الخصوص, وبتاريخ 1/ 5/ 2002 حكمت المحكمة بعد النقض والإحالة بإعادة المأمورية السابقة المحددة بالحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 9/ 4/ 2000 إلى الخبير السابق ندبه (المعاينون العرب) لبيان ما إذا كانت الأعطال الناتجة عن الإصلاحات التي قامت بها المستأنفة (المطعون ضدها) للسفينة تي تي خارك سواء مباشرة أو غير مباشرة قد نشأت عن إهمال جسيم من قبل إدارة المستأنفة أو أي من عمالها أو وكلائها أو موظفيها وتحديد الأضرار الفعلية الناتجة عن الإهمال الجسيم فقط على هدي الشروط القياسية الخاصة بحوض دبي الجاف وتقدير الخسارة الحاصلة، وبعد أن قدم الخبير التكميلي تقريره، حكمت محكمة الإحالة بتاريخ 27/ 1/ 2003 - وفي غيبة الخصوم - في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى, طعنت المدعية في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 2/ 4/ 2003 طلبت في ختامها نقض الحكم، وقدم محامي الشركة المطعون ضدها مذكرة بالرد - في الميعاد - دفع فيها بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد، وفي الموضوع برفضه.وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدها بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد أن الطاعنة أعلنت بالحكم المطعون فيه على محلها المختار وهو مكتب محاميها بتاريخ 1/ 3/ 2003 ورفض تابع وكيلها المذكور استلام الإعلان طالبًا إعلانها شخصيًا وهو ما يتحقق به علمها اليقيني بهذا الحكم ويبدأ ميعاد الطعن فيه من اليوم التالي لهذا التاريخ وحتى 31/ 3/ 2003، وإذ أقيم الطعن في 2/ 4/ 2003 فإنه يكون قد أقيم بعد الميعاد.وحيث إن هذا الدفع غير سديد, ذلك أن النص في المادة (176) من قانون الإجراءات المدنية على أن ميعاد الطعن بالنقض ثلاثون يومًا من تاريخ اليوم التالي لإعلان الحكم أو من العلم اليقيني به، مفاده أن المدة المقررة لسقوط الحق في الطعن بالتمييز تبدأ من اليوم التالي لإعلان الحكم، أو من تاريخ ثبوت علم الطاعن أو وكيله الذي رفع الطعن بالحكم علمًا يقينيًا, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 27/ 1/ 2003 وفي غير حضور أحد من الخصوم، وخلت الأوراق مما يدل على إعلان الطاعنة بالحكم المطعون فيه إلا في 5/ 3/ 2003 عن طريق محضري محكمة الشارقة الاتحادية وقدمت صحيفة الطعن في 2/ 4/ 2003 - وكان لا يعتد قانونًا بمحاولة إعلانها بالحكم المشار إليه قبل ذلك في مكتب محاميها ورفض تابعه استلام الإعلان بتاريخ 1/ 3/ 2003 طالبًا إعلانها شخصيًا بالحكم، كما لا يفيد علم الطاعنة أو علم وكيلها بهذا الحكم علمًا يقينيًا ومن ثم فإن الطعن يكون مرفوعًا في الميعاد، ويضحى الدفع خليقًا بالرفض.وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب من عدة أوجه تنعى بها الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والتناقض المبطل ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن دفاعها جرى أمام محكمة الإحالة بأن الحكم الناقض لم يعرض لمسألة قبول أو صحة الشروط العامة التي تعتصم بها المطعون ضدها وأثرها في هذا الخصوص، أو تحديد المعيار القانوني للتفرقة بين الخطأ الجسيم والخطأ العادي، مما لازمه وجوب أن تعرض المحكمة المطعون في حكمها بعد النقض والإحالة لبحث تلك الشروط العامة وما إذا كانت تحكم الواقعة الماثلة من عدمه، كما جرى دفاعها أيضًا بأن تلك الشروط غير منطبقة على واقعة الدعوى إذ ذيلت بتاريخ 23/ 9/ 1997 بما يعني أنها قد أرسلت إلى الطاعنة بعد مضي أكثر من سنتين من تاريخ أمر التأكيد الذي أرسلته المطعون ضدها إليها في 31/ 7/ 1995، وبالتالي فلا مجال لسريانها بأثر رجعي ولا يحكم العلاقة بين الطرفين سوى عقد الإصلاح المبرم بينهما عن طريق رسالتي الفاكس المؤرختين 30/ 7/ 1995، 31/ 7/ 1995 والتي بموجبهما قبلت المطعون ضدها تكليفها بالإصلاح، دون استثناء حالة الخطأ العادي والضرر غير المباشر ولذلك فإنه يكفي لتحقق مسؤولية المطعون ضدها مجرد ثبوت الخطأ دون اشتراط أن يكون جسيمًا أو أن يكون الضرر مباشرًا إعمالاً لمبدأ الضمان المنصوص عليه في المواد (42)، (282)، (283)، (292) من قانون المعاملات المدنية، وإذ ثبت خطأ وإهمال المطعون ضدها على وجه قاطع من الأدلة والمستندات التي قدمتها الطاعنة، وما انتهى إليه تقريري الخبرة الأولين الصادرين من الخبير .... ومكتب المعاينون العرب، من أن إهمال الميكانيكيين غير المؤهلين التابعين للمطعون ضدها كان هو السبب المباشر والوحيد في إتلاف المولد التوربيني للسفينة محل النزاع، وهو الأمر الذي أقرت به المطعون ضدها في مذكرتها المؤرخة 23/ 1/ 2002 حين قصرت دفاعها على أن الإهمال المنسوب لعمالها ليس إهمالاً جسيمًا، كما أقر به كذلك خبير المطعون ضدها (....) بما أورده في تقريره من إتلاف المولد التوربيني كلية، مما كان يتعين معه على المحكمة المطعون في حكمها إلزامها بقيمة الضرر الحاصل للطاعنة من جراء هذا الخطأ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وندب خبيرًا آخر في الدعوى استنادًا إلى انحصار المسؤولية في الخطأ الجسيم دون غيره واقتصاره على الخطأ المباشر الفعلي دون تعديه، وذلك بالمخالفة لنص المادة (296) من قانون المعاملات المدنية التي ترتب البطلان على كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية المترتبة على الفعل الضار، وعول الحكم على النتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير التكميلي الأخير المنتدب من قبل محكمة الإحالة (مكتب ....) من عدم إمكان نسبة خطأ جسيم للمطعون ضدها، دون أن يبين طبيعة المعيار القانوني لهذا الخطأ الجسيم ومناط التفرقة بينه وبين الخطأ العادي، كما التفت عن اعتراضات الطاعنة التفصيلية على ما جاء بهذا التقرير الذي خلا من القيام بإجراء المعاينة للمولد التوربيني للسفينة محل النزاع على الطبيعة وفحص المستندات الخاصة بتلك السفينة، وتجاهله كافة التقارير السابقة المقدمة في الدعوى والرد عليها ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدعوى، دون أن يجيب الطاعنة إلى طلب إعادة المأمورية للخبير السابق ندبه لبحث اعتراضاتها التي أوردتها تفصيلاً في الأوراق وكذا فحص المستندات وتقارير الخبرة السابقة، أو استدعاء الخبير الأخير لمناقشته فيما ورد بتقريره من تناقض، أو إحالة الدعوى إلى لجنة من الخبراء البحريين المتخصصين في إصلاح المولدات التوربينية البحرية لرفع التعارض بين هذا التقرير الأخير وسابقه الصادر عن نفس مكتب (....)، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أنه من المقرر قانونًا أنه لا يعتبر العقد تامًا ملزمًا إلا بقيام الدليل على تلاقي إرادتي المتعاقدين على قيام الالتزام محل العقد ونفاذه وفقًا لشروطه وبنوده، وأن النص في المادة الثانية من قانون المعاملات التجارية على أنه (يسري على التجار وعلى الأعمال التجارية ما اتفق عليه المتعاقدان ما لم يتعارض اتفاقهما مع نص تجاري آمر .... فإذا لم يوجد اتفاق خاص سرت قواعد العرف التجاري فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون أو في غيره من القوانين المتعلقة بالمسائل التجارية ... فإذا لم يوجد عرف تجاري وجب تطبيق الأحكام الخاصة بالمسائل المدنية فيما لا يتعارض مع المبادئ العامة للنشاط التجاري، ولا يجوز تطبيق الاتفاقيات الخاصة أو قواعد العرف التجاري إذا تعارضت مع النظام العام أو الآداب) وفي المادة 5/ 6 من ذات القانون على أنه (تعد الأعمال التالية أعمالاً تجارية بحكم ماهيتها: 6 - جميع الأعمال المتعلقة بالملاحة البحرية والجوية ويدخل في ذلك: أ) إنشاء السفن أو إصلاحها أو صيانتها ..) وفي المادة (383) من قانون المعاملات المدنية على أنه (1 - إذا كان المطلوب من المدين هو .... أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه فإنه يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ولو لم يتحقق الغرض المقصود هذا إذا لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك. 2 - وفي جميع الأحوال يبقى المدين مسؤولاً عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم) وفي المادة (296) من ذات القانون الأخير بأنه (يقع باطلاً كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية المترتبة على الفعل الضار) يدل على أنه يجوز للمتعاقدين تضمين العقد المبرم بينهما ما يحقق مصلحتهما أو مصلحة أحدهما من شروط بما في ذلك شروط تتعلق بتشديد أو تخفيف مسؤولية المتعاقد طالما أن هذه الشروط لا تتعارض مع النصوص القانونية الآمرة وبما لا مخالفة فيها للنظام العام أو الآداب، فلا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية عن الفعل العمدي من جانب المدين أو ما يلحق به من غش أو خطأ جسيم، ومن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص ثبوت الخطأ الموجب للمسؤولية أو نفيه وكذا ما إذا كان هذا الخطأ جسيمًا من عدمه، واستخلاص الضرر المطالب بالتعويض عنه أو نفيه وعلاقة السببية بين هذا الخطأ وذلك الضرر أو نفيها هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغًا ومستمدًا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى وأدلتها، ومن المقرر أيضًا أن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والموازنة بين المستندات المقدمة فيها، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق بما يكفي لحمل قضائه، ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة ما دام في الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، وللمحكمة أن تأخذ في قضائها بما تطمئن إليه من أدلة الدعوى وتطرح ما لا تقتنع بصحته منها دون أن تكون ملزمة ببيان أسباب ترجيحها دليلاً على آخر، ومتى رأت في حدود سلطتها الموضوعية الأخذ بتقرير أحد الخبراء المنتدبين في الدعوى دون غيره من التقارير الأخرى المقدمة فيها لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، ولا عليها إن هي لم تجب الخصوم إلى إعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه لاستكمالها أو دعوة الخبير لمناقشته فيما تضمنه تقريره أو ندب لجنة من الخبراء إذ أن هذه الطلبات هي من قبيل الرخص المخولة لمحكمة الموضوع فلها أن تجيب الخصم إليها إن رأت ضرورة لذلك كما يحق لها عدم الاستجابة إليها إذا ما وجدت المحكمة في التقرير الذي عولت عليه وفي أدلة الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوعها, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم القواعد الواردة في المساق المتقدم وواجه دفاع الطاعنة الوارد في أسباب النعي المطروحة، وأقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن (البين للمحكمة من مطالعتها الصورة الكربونية من تأكيد طلب العمل المؤرخ 31/ 7/ 1995 الموجه من المستأنفة (المطعون ضدها) إلى المستأنف ضدها (الطاعنة) والمتضمن الشروط القياسية للتسليم وأعمال الإصلاح، وكذا من صورة جدول طلبات العمل المقدم من المستأنف ضدها للمستأنفة عن الفترة من عام 1992 حتى عام 1995 بالنسبة لسفن تابعه للمستأنف ضدها وترجمتها باللغة العربية المقدمين من المستأنفة أمام هذه المحكمة تحت رقم 14 دوسيه (المرفقين بملف الاستئناف) أن البند الثامن من تأكيد طلب العمل سالف الذكر قد نص صراحة في الفقرة (1) منه على أن (....) غير مسؤولة عن أية مطالبة أو خسارة أو مصاريف أو أضرار مباشرة أو غير مباشرة مهما يكن نوعها والتي تنشأ بخصوص العمل المنفذ ما لم يكن بالإمكان إثبات أن هذا الضرر هو نتيجة إهمال فادح من قبل إدارة .... أو أي من وكلائها أو موظفيها، كما نصت الفقرة (2) على أنه إذا ثبت أن .... مسؤولة عن أية أضرار بسبب الخطأ الفادح فإن هذه المسؤولية ستكون مقتصرة على الضرر الفعلي فقط ولن تشمل الأضرار التبعية) الأمر الذي تستخلص منه المحكمة أن طرفي الخصومة قد اتفقا على قصر مسؤولية الشركة المستأنفة عن الإهمال الفادح والخطأ الجسيم الذي يقع من وكلائها أو موظفيها فقط، وقصر التعويض عن الأضرار المباشرة الناتجة عن ذلك، أما الأضرار التي يكون أساسها الخطأ الذي لا يرقى إلى الخطأ الجسيم، فإن المستأنفة لا تلزم بالتعويض الناجم عنه, ولما كان الثابت من التقرير التكميلي للخبير المنتدب من قبل هذه المحكمة والذي تطمئن إليه لسلامة الأسس التي بنى عليها ولصدوره من جهة فنية متخصصة عدم إمكان نسبة خطأ جسيم للمستأنفة تأسيسًا على أنه منذ 1/ 8/ 1995 وحتى 6/ 8/ 1995 كانت محاولات المستأنفة وطاقم الباخرة مستمرة لتشغيل المولد التوربيني وأن هذه المحاولات المشتركة قد انتهت يوم 6/ 8/ 1995 بتشغيل المولد التوربيني بطاقة 500 كيلو واط وهي نصف المعدل المطلوب وأنه بعد ذلك انتقلت المحاولات كليًا إلى طاقم الباخرة وبالتحديد يوم 9/ 8/ 1995 أي بعد نزول فني المستأنفة، وأن الواضح أن طاقم الباخرة قد حاولوا تشغيل المولد التوربيني عدة مرات حتى وصل خبير الشركة المصنعة في 19/ 8/ 1995 والذي وجد عند حضوره أن أسباب الضرر الحاصل للمولد التوربيني كانت كثرة محاولات تشغيل وصعود السرعة من الصفر إلى ما فوق المسموح به وذلك في الأيام من 7/ 8/ 1995 وحتى 19/ 8/ 1995 وتسعة أيام من هذه المدة كانت تحت الإشراف المباشر لطاقم الباخرة، وذلك على النحو الثابت تفصيلاً بالتقرير، وبالتالي وتأسيسًا على ما تقدم فإن المسؤولية العقدية لا تقوم في حق الشركة المستأنفة، ومن ثم فإنها لا تلزم بتعويض المستأنف ضدها عن الأضرار التي لحقت بها وتكون دعوى الأخيرة قائمة على غير سند صحيح من الواقع أو القانون خليقة بالرفض، ولا يؤثر في ذلك ما أثارته الشركة المستأنف ضدها من افتقار الخبير الذي أعد التقرير للمؤهلات اللازمة لبحث مثل هذا النزاع، ذلك أن الثابت من المستندات المرفقة بالخطاب المرسل من مكتب .... للمحكمة (المرفق بملف الاستئناف) أن هذا الخبير يعمل في البحر منذ عام 1978 كرئيس مهندسين بحريين، وبالتالي فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفاع, وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون في غير محله، مما يتعين القضاء بإلغائه والقضاء برفض الدعوى وذلك دون حاجة إلى إجابة المستأنف ضدها إلى طلبها إعادة الدعوى إلى الخبير أو استدعائه لمناقشته أو ندب لجنة من الخبراء إذ أن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدة المحكمة) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغًا وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافيًا لحمل قضائه ويتضمن الرد الكافي المسقط لكل حجج الطاعنة وأوجه دفاعها الواردة في أسباب النعي المطروحة، ومن ثم فإن النعي في جملته يكون على غير أساس.وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.