المحكمة الاتحادية العليا
جلسة الأربعاء الموافق 20 من أكتوبر سنة 2021 برئاسة السيد القاضي/ محمد عبد الرحمن الجراح- رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة د. أحمد الصايغ وعبد الحق أحمد يمين.
الطعنان رقما 638 و698 لسنة 2021 إداري
المحكمة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها في الطعن 698 لسنة 2021 أقامت الدعوى رقم 154 لسنة 2020 طالبة إلغاء قرار الخصم من راتبها والحكم لها بمبلغ 200.000 درهم تعويضًا، وقالت شرحًا لدعواها إنها تعمل لدى ............. ابتداءً من سنة 2015 وأن الإدارة أصدرت في حقها عقوبة لفت النظر وإنذار وخصم من راتبها لمخالفتها الدوام الرسمي وأنها تضررت من هذا الجزاء، وأثناء سير الدعوى تقدمت جهة الإدارة بدعوى متقابلة طالبة الحكم على المدعية بمبلغ مليون درهم تعويضًا عما ألحقته المدعية بالمرفق العام من أضرار، وبجلسة 13/ 10/ 2020 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعويين، استأنف الطرفان هذا القضاء بالاستئنافين 190 و191 السنة 2020 ومحكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 19/ 11/ 2021 بالتأييد، طعن الطرفان بطريق النقض في هذا القضاء بالرقمين 133 و228 لسنة 2021 والمحكمة الاتحادية العليا قضت في 31/ 3/ 2021 بالنقض والإحالة، وإذ عاودت الدعوى سيرها أمام محكمة الاستئناف قضت في 15/ 6/ 2021 بتأييد الحكم المستأنف، فكان الطعنان وإذ نظرتهما هذه المحكمة في غرفة مشورة، قررت عرضهما بجلسة وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم. في الطعن 638 لسنة 2021: حيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قضى بتأييد حكم أول درجة برفض طلب التعويض عن الأضرار التي لحقتها حال أن المطعون ضدها سعت بإقامة الدعوى إلى الاستهانة بالطاعنة والنيل من سمعتها مما يعد تعسفًا موجبًا للمسؤولية ومن ثم إلى التعويض وهو ما التفت الحكم المطعون فيه عن بحثه وتمحيصه مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مفاد المادتين 104 و106 من قانون المعاملات المدنية، وما جرى به قضاء هذه المحكمة أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعًا لا يضمن ما ينشأ عن ذلك من ضرر للغير، وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، أو كانت المصلحة التي يرمي لتحقيقها لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، وكان من المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق المباحة للكافة ما لم يثبت انحراف من استعملها ابتغاء الإضرار بالخصم سواء على نحو إيجابي بتعمد السير في مضارة الغير، أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر من استعمال صاحب الحق لحقه، ولما كانت المطعون ضدها قد رفعت دعواها في حدود استعمالها لحقها في التظلم والشكوى من قرار الإدارة بفرض جزاء عليها لمخالفتها القواعد الدوام الرسمي ترى عدم مشروعيته، وهو ما يدلل على أنها استعملت حقها بطريق مشروع طالما لم يثبت أنها أساءت استعمال هذا الحق أو أنها تعمدت التعدي على المطعون ضدها أو الإضرار بمصلحة من مصالحها مما يضحى معه النعي على غير أساس. .
في الطعن 698 لسنة 2021: حيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه لم يتناول بالتسبيب الرد على أوجه الدفاع الجوهرية التي تمسكت بها الطاعنة من عدم مشروعية قرار الإدارة بفرض جزاء عليها بخصم من راتبها مع لفت نظر وإنذار خطي لما نسب إليها من مخالفتين للدوام الرسمي حال أن تغيبها كان مبررًا وليس به أي مخالفة للقانون وهو ما لم يلتفت إليه الحكم المطعون فيه بالبحث والتمحيص مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مفاد المادة 119/ 2 من اللائحة التنفيذية لقانون الموارد البشرية رقم (1) لسنة 2018 وتعديلاتها على أن الرئيس المباشر ملزم بعد التأكد من مخالفات الدوام الرسمي المنسوبة إلى الموظف التابع له أن يلتزم بالجزاءات المقررة بالجدول الملحق رقم (3) باللائحة المذكورة، ونص الملحق في الفقرة (ثالثًا) على أن جزاءات مغادرة الموظف مكان عمله بدون إذن أو عذر مقبول هي لفت نظر خطي في المرة الأولى،وإنذار خطي في المرة الثانية، وخصم يوم من الراتب في المرة الثالثة، ولما كان الثابت من المحضر رقم 25/ 2019 بتاريخ 15/ 12/ 2019 أن لجنة ................ الطبية أجرت تحقيقًا في ما نسب للطاعنة من مغادرتها لمقر عملها مرتين بغير عذر مبرر أو إذن مصرح به من المسؤول المباشر لها في العمل وأن الإدارة المطعون ضدها أصدرت عن المخالفتين قرارين بتاريخ 11/ 2/ 2020 الأول برقم 4625 لسنة 2020 فرض جزاء لفت نظر على الطاعنة والثاني برقم 4627 لسنة 2020 بفرض إنذار خطي وأتبعتهما بقرارين بخصم من الراتب حال أنه لا يجوز الخصم من الراتب إلا بعد تحقق المخالفة الثالثة لقواعد الدوام الرسمي عملاً بالمقتضيات المشار إليها، وتبعًا لذلك يضحى الخصم من الراتب الذي قد قصرت الطاعنة في صحيفة دعواها على الحكم بإلغائه غير مشروع لمخالفة القانون، ولا محل لما أثارته جهة الإدارة من أن الطاعنة لم تلتزم بإجراءات الفقرة (3) من البند الخامس من قرار مجلس الوزراء رقم (15) لسنة 2010 بشأن اعتماد وثيقة مبادئ السلوك المهني وأخلاقيات الوظيفة العامة بتقديم تظلم قبل رفع الدعوى، ذلك أن الإجراءات المنصوص عليها في هذه الوثيقة تتعلق ببيئة العمل والمحيط الذي يعمل فيه الموظف داخل الجهة الإدارية وقد نصت على أن للموظف التعرض على كل إجراء يتعارض مع منظومة الوظيفة العامة مع ضمان عدم صدور أي عقوبة في حقه على هذا التعرض، حال أن النزاع يتعلق بجزاء إداري لمخالفة الطاعنة لنظام الدوام الرسمي الذي يجوز الطعن فيه بدعوى الإلغاء دون أي إجراء سابق له، وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويوجب نقضه. وحيث إن الطعن للمرة الثانية فإن المحكمة تتصدى لنظره وفق ما سيرد بمنطوق هذا الحكم.
محاكم دبي – محكمة التمييز - المكتب الفني - الجزء الأول (من يناير إلى يونيو 2007) - العدد الثامن عشر
جلسة الأحد 14 يناير 2007
برئاسة السيد القاضي/ محمد محمود راسم – رئيس محكمة التمييز
وعضوية السادة القضاة: فتيحة محمود قره، زهير أحمد بسيوني، سعيد عبد الحميد فودة، حسن محمود الأبياري.
(1)الطعن رقم 158 لسنة 2006 و179 لسنة 2006 "طعن مدني":
(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية".عدم جواز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة. شرط ذلك. عدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة اقتراف المتعاقد الآخر لفعل غير مشروع تتحقق معه المسئولية التقصيرية.
(2) مسئولية "المسئولية التقصيرية: إساءة استعمال الحق". تعويض "الخطأ الموجب للتعويض: إساءة استعمال الحق". استعمال الحق استعمالاً غير مشروع. مناطه. م106 معاملات مدنية.
(3) مسئولية "المسئولية التقصيرية: إساءة استعمال الحق". محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع: في المسئولية: التعسف في استعمال الحق.
دخول التعسف في استعمال الحق في نطاق المسئولية التقصيرية حتى ولو كان تعسفاً متصلاً بالتعاقد. علة ذلك. تقدير التعسف في استعمال الحق. من سلطة محكمة الموضوع.
(4) حكم "حجية الحكم: حجية الأمر بالأوجه". نيابة عامة "الأمر بالأوجه لإقامة الدعوى".الأمر الذي تصدره النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية والقرار الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في هذا الأمر. عدم اكتساب أيهما حجية في الدعوى المدنية التي يقيمها المدعي بالحقوق المدنية أمام القضاء المدني. علة ذلك.
(5) مسئولية "المسئولية التقصيرية: تعدد المسئولية". تعويض "تقدير التعويض".
تعدد المسئولين عن فعل ضار. أثره. مسئولية كل منهم بنسبة نصيبه في هذا الفعل. للقاضي الحكم بالتساوي أو بالتضامن أو بالتكافل فيما بينهم.
(6) تعويض "تقدير التعويض".محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع: في التعويض".تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له. من سلطة محكمة الموضوع طالما بيّنت عناصر الضرر ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها. لا تثريب على الحكم إذا لم يضع معياراً حسابياً لتقدير التعويض عن الأضرار المعنوية والنفسية التي لحقت بالمضرور.
(7) إثبات "إجراءات الإثبات: الإحالة إلى التحقيق".طلب الخصم من محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بالبينة. لها رفضه إذا وجدت أنه غير جدي أو غير منتج في النزاع أو أن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
(8) حكم "الطعن في الحكم: الخصوم في الطعن". تمييز "الخصوم في الطعن".وجوب توجيه الطاعن طعنه إلى المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثله. مناطه. ألاّ يكون الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين.(9) دعوى "عدم سماع الدعوى". مسئولية "المسئولية التقصيرية". عدم سماع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم التالي الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث والمسئول عنه. تشكيل العمل غير المشروع لجريمة. أثره. عدم سقوط الدعوى المدنية إلا بسقوط الدعوى الجنائية. انفصال الدعويين واختيار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي. مؤداه. وقف مدة عدم السماع ما بقي الحق في رفع الدعوى الجنائية قائماً واستمراره حتى انقضاء الدعوى الجنائية.(10) دعوى "قبول الدعوى: الصفة في الدعوى".محكمة الموضوع "سلطتها في الدعاوى: الصفة في الدعوى". توافر الصفة في المدعى عليه. مناطه. مسئوليته أصالة أو تبعاً عن الحق المدّعى به أو مشتركاً في المسئولية عن هذا الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته حال ثبوت أحقية المدعى به. استخلاص توافر الصفة من سلطة محكمة الموضوع.
(11) مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية عن النشر". حرية الصحافة في النشر. شرطها. استخلاص تجاوز الحق في النشر بالانحراف عن السلوك المألوف للصحفي العادي. من سلطة محكمة الموضوع طالما كان استخلاصها سائغاً.1- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة إذ يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية إهدار نصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة له، إلا أن ذلك رهن بعدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة اقتراف العاقد الآخر لفعل غير مشروع مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانون إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواءً كان متعاقداً أو غير متعاقد.2- من المقرر أن مؤدى نص المادة 106 من قانون المعاملات المدنية أن المشرع قد وضع مبدأ وجوب الضمان على من استعمل حقه استعمالاً غير مشروع وحدد أربعة معايير للاستعمال غير المشروع للحق بما يصدق عليه وصف التعسف أولها أن يكون استعمال الحق مقصوداً به الإضرار بالغير وتستخلص هذه النية من انتفاء كل مصلحة لدى صاحب الشأن في استعمال الحق استعمالاً يلحق الضرر بالغير متى كان صاحب الحق على بينة من ذلك، والثاني أن يكون استعمال الحق بغرض تحقيق مصلحة غير مشروعة وهي تكون كذلك إذا قصد بها مخالفة حكم من أحكام الشريعة الإسلامية أو القانون أو كان تحقيقها يتعارض مع قواعد النظام العام أو الآداب، والثالث أن يترتب على استعمال الحق تحقيق مصالح قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر، والرابع أن يتجاوز الشخص في استعمال حقه ما جرى به العرف والعادة بين الناس.3- من المقرر أن التعسف يبقى داخلاً في نطاق المسئولية التقصيرية حتى ولو كان تعسفاً متصلاً بالتعاقد ذلك أن الخطأ هو انحراف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد، وهذا الانحراف قد يقع من الشخص وهو يباشر رخصة أو يقع منه وهو يستعمل حقاً، فالشخص العادي في سلوكه المألوف إذا أتى رخصة يلتزم قدراً من التبصر واليقظة حتى لا يضر بالغير وإذا استعمل حقاً فإنه لا يجاوز الحدود المرسومة لهذا الحق، ومن المقرر أن تقدير التعسف في استعمال الحق وتحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود والشروط التي يدور النزاع حولها واستخلاص الحق فيها بما يتفق مع الظروف والملابسات التي أحاطت بإبرام العقد ووفقاً لما هو أوفى بمقصود المتعاقدين وذوي الشأن فيها - على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - من سلطة محكمة الموضوع، وذلك كله متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة بما لها أصل ثابت بالأوراق.4- من المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية والقرار الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في هذا الأمر ليس لأي منهما حجية في الدعوى المدنية التي يقيمها المدعي بالحقوق المدنية أمام القضاء المدني إذ هو مجرد قرار وليس حكماً قضائياً وبالتالي فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به.5- من المقرر طبقاً لنص المادة 291 من قانون المعاملات المدنية أنه إذا تعدد المسئولون عن فعل ضار كان كل منهم مسئولاً بنسبة نصيبه فيه وللقاضي أن يحكم بالتساوي أو بالتضامن أو التكافل فيما بينهم.6- من المقرر أن تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أنها بينت عناصر الضرر ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها وذلك بشرط أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمل قضائها، ولا تثريب على الحكم إذ هو لم يضع معياراً حسابياً لتقدير التعويض عن الأضرار المعنوية والنفسية التي لحقت بالمضرور إذ لم يرد نص في القانون يحدد معايير معينة لتحديد مبلغ التعويض في مثل هذه الحالات، إذ تقضي المادة 292 من قانون المعاملات المدنية بأن الضمان إنما يقدر في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار.7- من المقرر أن طلب الخصم من محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بالبينة ليس حقاً له متعيناً على المحكمة إجابته إليه في جميع الأحوال إذ لها أن ترفضه إذا وجدت أنه غير جدي أو غير منتج في النزاع أو أن في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.8- إن المادة 156 من قانون الإجراءات المدنية قد نصت في فقرتها الأولى على أنه ((لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، فإن لم يفعل أمرت المحكة الطاعن باختصامه في الطعن...)) مما يدل على أن مناط وجوب توجيه الطاعن طعنه إلى المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثله هو ألا يكون الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن او في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام المطعون ضدها الثانية بالتضامن مع الطاعنة بأن يؤديا للمطعون ضدها الأولى مبلغ التعويض المحكوم به، مما مؤداه وجوب اختصام المستشفى المطعون ضدها الثانية في هذا الطعن باعتبار أنها محكوم عليها بالتضامن مع الطاعنة، ومن ثم فإن الدفع يكون على غير أساس.9- إن النص في المادتين 298 و481 من قانون المعاملات المدنية مفاده - وعلى ما قررته هذه المحكمة - أن المشرع قد استحدث في نطاق المسئولية عن العمل غير المشروع تقادماً قصيراً فقضى بعدم سماع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بانقضاء ثلاث سنوات يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من أحدثه، وأنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان مدة عدم السماع المنصوص عليها في المادة 298 سالفة الذكر بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، ويظل الوقف سارياً حتى تنقضي الدعوى الجنائية، وهذا الانقضاء يكون بصدور حكم باتٍ فيها من محكمة التمييز أو بصيرورة الحكم الصادر فيها من محكمة الموضوع باتاً بفوات ميعاد الطعن فيه أو لسبب آخر من أسباب الانقضاء، ومن تاريخ هذا الانقضاء تعود مدة عدم سماع دعوى التعويض عن الفعل الضار إلى السريان، ذلك أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً يعد في معنى المادة 481/ 1 من قانون المعاملات المدنية مانعاً يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.10- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الصفة في الدعوى تتوافر في جانب المدعى عليه حينما يكون هو المسئول أصالة أو تبعاً عن الحق المدعى به أو مشتركاً في المسئولية عن هذا الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته حال ثبوت أحقية المدعي فيه، ومن المقرر أيضاً أن استخلاص توافر الصفة من عدمه هو من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق وبمنأى عن مخالفة القانون.11- من المقرر أن حرية الصحافة في النشر مشروطة بألا يسيء الصحفي استعمال حقه في النشر استعمالاً ضاراً بالغير من عامة الناس، كما أن استخلاص تجاوزه لهذا الحق بانحرافه عن السلوك المألوف للصحفي العادي هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع طالما كان استخلاصها سائغاً والمجادلة في ذلك هي مجادلة موضوعية تنحسر عنها رقابة محكمة التمييز متى أقام الحكم قضاءه على أسباب سائغة.
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع تقرير التلخيص - في كل من الطعنين - الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر ...........، وبعد المداولة. حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن ............ أقامت الدعوى رقم 734 لسنة 2005 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية على كل من: 1- مستشفى ........... 2- شركة ............ للطباعة والنشر بصفتها مالكة صحيفة ............ بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا لها مبلغ عشرة ملايين درهم، وذلك تأسيساً على أنه بتاريخ 15-6-2002 تعاقدت مع المستشفى المدعى عليها الأولى على أن تجري لها عملية جراحية للتخسيس على أن يخصم من تكاليف العملية خمسة عشر ألف درهم مقابل استغلال هذه العملية في الترويج بشرط أخذ موافقتها قبل أي إجراء تتخذه المستشفى بهذا الخصوص، وبنفس التاريخ أدخلت المستشفى وتم تصويرها قبل العملية الجراحية المتفق عليها وهي مرتديه عباءتها وحجابها الشرعي الكامل وخرجت من المستشفى في 18-6-2002 وبتاريخ 23-6-2002 فوجئت بخبر نشر صورتها أثناء العملية عارية الثديين مع إيراد اسمها تحت الصورة بالصفحة الأولى من نشرة ........... الملحقة بجريدة .......... الصادرة باللغة الإنجليزية المملوكة للشركة المدعى عليها الثانية، وعندما اتصلت بالمسئول عن الجريدة للاحتجاج تعلل بأن المستشفى هي التي طلبت نشر الصورة والمعلومات المدونة عنها بالجريدة، وتحرر عن هذه الواقعة المحضر رقم 10708 لسنة 2002 وقد وصفت النيابة العامة التهمة بأنها تشكل جريمة هتك عرض وقررت بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية لانتفاء القصد الجنائي، ولما كان ما فعله المدعى عليهما يخرج عن نطاق العقد المبرم بينها وبين المستشفى المدعى عليها الأولى ويمثل إساءة في استعمال الحق يوجب التعويض إعمالاً لحكم المادة 106 من قانون المعاملات المدنية، وكان قد لحق بها أضرار مادية ومعنوية بسبب الجراحة الفاشلة التي تعاني من مضاعفاتها وبسبب الصورة الفاضحة مما أدى إلى فشل حياتها الزوجية التي انتهت بالطلاق وفقد عملها لعدم قدرتها على مواجهة تلاميذها وزملائها في العمل، ويقدر التعويض الجابر لتلك الأضرار بالمبلغ المطالب به، ومن ثم فقد أقامت الدعوى، وبتاريخ 13-3-2006 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعية مبلغ خمسمائة ألف درهم، وأشارت في أسبابها إلى إلزامهما بالمبلغ المقضي به بالتضامن، استأنفت المستشفى المدعى عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 243 لسنة 2006 مدني، كما استأنفته المدعية بالاستئناف رقم 248 لسنة 2006 مدني، واستأنفته الشركة المدعى عليها الثانية بالاستئناف رقم 251 لسنة 2006 مدني، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة للارتباط قضت بتاريخ 5-6-2006 برفضها وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت المستشفى المدعى عليها الأولى في هذا الحكم بالتمييز رقم 158 لسنة 2006 مدني بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 25-6-2006 طلبت فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضدها (أوليفا) مذكرة بدفاعها – في الميعاد - طلب فيها رفض الطعن، كما طعنت الشركة المدعى عليها الثانية على ذات الحكم بالتمييز رقم 179 لسنة 2006 مدني بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 18-7-2006 طلبت فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضدها (.............) مذكرة بدفاعها - في الميعاد - طلب فيها رفض الطعن، كما قدم محامي المستشفى المطعون ضدها الثانية مذكرة بدفاعها - في الميعاد - دفع فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة لها، وبعد أن عُرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما، وبجلسة المرافعة قررت المحكمة ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.أولاً: الطعن رقم 158 لسنة 2006 مدني حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما المستشفى الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في فهم الواقع والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن السبب الذي تستند إليه دعوى المطعون ضدها هو عدم التزام المستشفى الطاعنة بأحكام الاتفاقية المبرمة بينهما المؤرخة في 15-6-2005 والتي بموجبها وافقت المطعون ضدها على السماح للمستشفى باستغلال ظروف العملية لكافة الأغراض الدعائية والترويجية بما في ذلك الصور الفوتوغرافية والإعلانات والتقارير الطبية ونشرها في كافة وسائل الإعلام ومنها الصحف والمجلات، وقد تم بالفعل تنفيذ تلك الاتفاقية بمعرفة الطاعنة من خلال الطبيب الجراح المختص وقيام المصور التابع للجريدة بالتقاط الصور للمطعون ضدها وهي تحت تأثير المخدر وذلك أثناء وجوده بغرفة العمليات بموافقة المطعون ضدها وعلمها بذلك، وكان القصد من وراء ذلك مشروعاً وتحقيق غرض علمي ودعائي لعملية إنقاص الوزن وربط المعدة دون أن يكون في ذلك قصد التشهير أو الإضرار بالمطعون ضدها ولما كان نشر الجريدة صور شبه عارية للمطعون ضدها التقطت لها وقت إجراء العملية الجراحية هو مما يخرج عن نطاق ضمان الطاعنة لأن أوراق الدعوى خلت مما يفيد وجوب عرض تلك الصور عليها قبل النشر، وبالتالي لا يمكن نسبة أي خطأ تعاقدي أو تقصيري في جانبها لكونها استعملت حقاً لها بموجب العقد بما لا يوجب الضمان عليها، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر ورفض طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أنها لم تقصد الإضرار بالمطعون ضدها وأن السماح بالتصوير والنشر كان في حدود الأغراض العلمية والترويجية، وذهب الحكم إلى أن شمول الصورة التي نشرت للمطعون ضدها وصدرها عارياً يجاوز حسن النية، مما أدى به إلى الخلط بين واجب كل من المستشفى والجريدة، وقضى بالتعويض المحكوم به استناداً إلى مسئولية الطاعنة بالتضامن مع الجريدة عن نشر صورة المطعون ضدها عارية الصدر بمقولة إساءة استعمال الطاعنة حقها العقدي، من أن التضامن لا يفترض ومسئوليتها إن تحققت فهي مسئولية عقدية بينما مسئولية جريدة...... هي مسئولية تقصيرية ومن ثم فإن اختلاف المسئولية لا يتحقق به التضامن وإن كان قد يتحقق به التضامم، وأن قيام الطاعنة بالتصريح للجريدة بتصوير المطعون ضدها داخل غرفة العمليات قد تم بناءً على الاتفاقية المشار إليها دون اشتراط موافقتها على النشر بعد إجراء العملية وقد خلت الأوراق مما يفيد علم الطاعنة بنشر صور المطعون ضدها وهي عارية الصدر مما لا محل معه لافتراض سوء نيتها وتعمدها الإضرار أو التشهير بها، والثابت من تحقيقات القضية رقم 10708 لسنة 2002 جزاء أن المطعون ضدها قد أقرت بالاتفاقية ولذلك أصدرت النيابة العامة قراراً بتاريخ 8-6-2003 بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد مدير المستشفى أو غيره، وعندما تظلمت المطعون ضدها في هذا الإقرار بالاستئناف رقم 2560 لسنة 2003 جزاء قضت المحكمة بتاريخ 21-9-2003 بتأييد القرار تأسيساً على موافقة المطعون ضدها على السماح للطاعنة باستغلال ظروف إجراء العملية لكافة الأغراض الدعائية والترويجية بما في ذلك الصور الفوتوغرافية ونشرها في كافة الصحف، ولما كان هذا الحكم الجزائي حائزاً لقوة الأمر المقضي به فإنه يحق للطاعنة التمسك به ولأول مرة أمام محكمة التمييز، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في تقديره لمبلغ خمسمائة ألف درهم كتعويض أدبي عما أصاب المطعون ضدها من آلام نفسية من جراء نشر صورها شبه عارية حال أن المطعون ضدها كانت على علم بأن التصوير والنشر سيتحقق دون أي شرط في مقابل ما حصلت عليه من خصم مبلغ 15000 درهم من تكاليف إجراء العملية، وبذلك فإنها تكون قد قدرت بنفسها التعويض الذي حصلت عليه لقاء التصوير والنشر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في دعوى التعويض التي يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة إذ يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية إهدار نصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة له، إلا أن ذلك رهن بعدم ثبوت أن الضرر الذي لحق بأحد المتعاقدين كان نتيجة اقتراف العاقد الآخر لفعل غير مشروع مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانون إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواءً كان متعاقداً أو غير متعاقد، ومن المقرر أيضاً أن مؤدى نص المادة 106 من قانون المعاملات المدنية أن المشرع قد وضع مبدأ وجوب الضمان على من استعمل حقه استعمالاً غير مشروع وحدد أربعة معايير للاستعمال غير المشروع للحق بما يصدق عليه وصف التعسف أولها أن يكون استعمال الحق مقصوداً به الإضرار بالغير وتستخلص هذه النية من انتفاء كل مصلحة لدى صاحب الشأن في استعمال الحق استعمالاً يلحق الضرر بالغير متى كان صاحب الحق على بينة من ذلك، والثاني أن يكون استعمال الحق بغرض تحقيق مصلحة غير مشروعة وهي تكون كذلك إذا قصد بها مخالفة حكم من أحكام الشريعة الإسلامية أو القانون أو كان تحقيقها يتعارض مع قواعد النظام العام أو الآداب، والثالث أن يترتب على استعمال الحق تحقيق مصالح قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر، والرابع أن يتجاوز الشخص في استعمال حقه ما جرى به العرف والعادة بين الناس، ومن المقرر أيضاً أن التعسف يبقى داخلاً في نطاق المسئولية التقصيرية حتى ولو كان تعسفاً متصلاً بالتعاقد ذلك أن الخطأ هو انحراف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد، وهذا الانحراف قد يقع من الشخص وهو يباشر رخصة أو يقع منه وهو يستعمل حقاً، فالشخص العادي في سلوكه المألوف إذا أتى رخصة يلتزم قدراً من التبصر واليقظة حتى لا يضر بالغير وإذا استعمل حقاً فإنه لا يجاوز الحدود المرسومة لهذا الحق، ومن المقرر أن تقدير التعسف في استعمال الحق وتحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود والشروط التي يدور النزاع حولها واستخلاص الحق فيها بما يتفق مع الظروف والملابسات التي أحاطت بإبرام العقد ووفقاً لما هو أوفى بمقصود المتعاقدين وذوي الشأن فيها - على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - من سلطة محكمة الموضوع، وذلك كله متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة بمالها أصل ثابت بالأوراق، ومن المقرر أن الأمر الذي تصدره النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية والقرار الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في هذا الأمر ليس لأي منهما حجية في الدعوى المدنية التي يقيمها المدعي بالحقوق المدنية أمام القضاء المدني إذ هو مجرد قرار وليس حكماً قضائياً وبالتالي فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به، ومن المقرر طبقاً لنص المادة 291 من قانون المعاملات المدنية أنه إذا تعدد المسئولون عن فعل ضار كان كل منهم مسئولاً بنسبة نصيبه فيه وللقاضي أن يحكم بالتساوي أو بالتضامن أو التكافل فيما بينهم، كما أنه من المقرر أن تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أنها بينت عناصر الضرر ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها وذلك بشرط أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمل قضائها، ولا تثريب على الحكم إذ هو لم يضع معياراً حسابياً لتقدير التعويض عن الأضرار المعنوية والنفسية التي لحقت بالمضرور إذ لم يرد نص في القانون يحدد معايير معينة لتحديد مبلغ التعويض في مثل هذه الحالات، إذ تقضي المادة 292 من قانون المعاملات المدنية بأن الضمان إنما يقدر في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار، كما أنه من المقرر أن طلب الخصم من محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بالبينة ليس حقاً له متعيناً على المحكمة إجابته إليه في جميع الأحوال إذ لها أن ترفضه إذا وجدت أنه غير جدي أو غير منتج في النزاع أو أن في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها قبل كل من المستشفى الطاعنة شركة ............ للطباعة والنشر بطلب إلزامهما بالتضامن بالتعويض عن الضرر الذي لحق بها بسبب نشر صورتها أثناء العملية عارية الثديين بجريدة الخليج تايمز مع إيراد اسمها تحت الصورة تأسيساً على أنهما قد أساءا استعمال الحق، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعنة قد أساءت استخدام حقها في الترويج والدعاية عن طريق المطعون ضدها واقام قضاءه بإلزامها بمبلغ التعويض المحكوم به بالتضامن مع شركة كلداري للطباعة والنشر على ما أورده بأسبابه من أن ((... بند "الحيثيات" (التمهيد) تناول مجال الاتفاقية بين المدعية (المطعون ضدها) والمدعى عليها الأولى (المستشفى الطاعنة) الذي يسمح للمستشفى ولشركات الرعاية الصحية التابعة لها لاستخدام سياقات السيدة/ ........ في كل أو أي دعاية أو الأغراض الترويجية أينما يعتبر ضرورياً بما فيها الصور الفوتوغرافية، الكتيبات، الإعلانات، بيان صحفي، مؤتمر صحفي، المقابلات مع الراديو، المقابلات الشخصية، المقالات في الجرائد، المقالات في الصحف اليومية الرائدة في المنطقة.. الخ سوف تستخدم المستشفى السيدة/ أوليفا في جميع وسائل الإعلام التسويقية المناسبة وتحدد المواعيد بالنسبة للتوقيت والمكان كما يتفق عليه ودياً... الخ ثم جاءت عبارة: "يتم تنفيذ كل الحيثيات بعد الحصول على موافقة من السيدة أوليفا" فإذا كان المعلوم أن عنوان هذه الفقرة هو "الحيثيات" التي تشتمل على عدة مسائل من بينها الصور الفوتغرافية، فإن استخدام عبارة "كل الحيثيات" لا يمكن أن يكون المقصود بها بعضاً من تلك الحيثيات وذلك لوضوح العبارة وهو الاستخلاص السائغ لاسيما وأن الهدف الأساسي من اشتراط هذا البند هو تمكين المدعى عليها من الترويج والدعاية التي هما في المقام الأول التركيز على إظهار حجم المدعية في مراحل ما قبل وأثناء وبعد العملية الجراحية، فإذا كانت الموافقة مطلوبة لحضور المؤتمرات والمناسبات الدعائية، فهي أوجب عند إجراء العملية الجراحية ....، والسماح بالتصوير الفوتوغرافي أثناء إجراء العملية الجراحية للمدعية وهو عمل مشروع ولا يحد منه إلا إساءة استعمال الحق وفق المعايير الواردة في المادة 106 السابق إيرادها، والذي يبين من أوراق الدعوى وما أفاد به الطبيب الجراح الذي أجرى العملية الجراحية للمدعية أنه يتم الكشف عن جسد المريضة في منطقة البطن إلى الجزء السفلي من الثديين وهو جزء بسيط منه "حافة الثديين من الناحية السفلية" وتتم تغطية باقي أجزاء الجسم عن طريق الفوطة الطبية، إن الذي حدث هو أن التصوير، وعلى ما كشفت عنه تحقيقات النيابة، قد أبرز الثديين كاملين وتم نشر صورة المدعية وهي في وضع شبه عارية ... والذي لا مراء فيه أن المدعى عليها تدرك أن نشر مثل هذه الصورة لامرأة في وضع شبه عارية مما يلحق ضرراً بها، ولا ينال من ذلك القول بأن كشف جزء أكبر من جسم المدعية قد تم أثناء تحريك الفوط ودون قصد، ذلك أنه كان بوسع المدعى عليها الأولى تدارك الموقف ومنع نشر الصورة لاسيما أن انشر قد تم بعد أكثر من خمسة أيام من التقاطها إذ كان الالتقاط في 16-6-2002 ونُشرت في 22-6-2002، من جانب آخر وبصريح نص الاتفاقية المبرمة بين المدعية والمدعى عليها الأولى فإن الترويج والدعاية لصالح المستشفى المدعى عليها كان هو الدافع وراء التصوير والنشر وغني عن البيان أن المبتغى النهائي من ذلك هو الكسب المادي، واستخدام الصور شبه العارية للمدعية في سبيل تحقيق هذه المصلحة فيه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية التي تدعو لنشر الفضيلة وليس الرذيلة ومخالفة أيضاً للنظام العام والآداب، عليه ولما ذكرنا نقرر أن المدعى عليها الأولى قد أساءت استخدام حقها في الترويج والدعاية عن طريق المدعية، مما يجعلنا نقرر إلزامها بضمان ما ينتج عن ذلك من أضرار .... وكان الثابت من الوقائع أن المدعية قد تم تصويرها أثناء إجراء عملية تخسيس لها "ربط معدة" وهي فاقدة الوعي وكان التصوير قد أظهرها وهي شبه عارية، فلابد أن يكون ذلك قد سبب لها آلاماً ومعاناة نفسية زاد منها إيراد بياناتها الشخصية مع الصورة من اسم وعمر وجنسية ووزن مما يعتبر ضرراً أدبياً موجباً للتعويض الذي نقدره بمبلغ خمسمائة ألف درهم..) وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله ((ولا يغير من ذلك ما تثيره المدعى عليها الأولى- المستشفى - في المذكرة الشارحة لاستئنافها بأن المدعية قد أحيطت علماً بأنه سيتم تصويرها بمعرفة مصور من المدعى عليها الثانية وأنها أي المدعى عليها الثانية لم تقصد الإضرار بالمدعية وتطلب التحقيق بهذا الخصوص، ذلك أن التصوير قد تم أثناء إجراء العملية الجراحية لديها ولغايات الدعاية والتسويق لمصلحتها ولابد أن يكون ذلك بدلالتها وفي الحدود التي ترمي إليها وتبتغيها من الدعاية والتسويق ولكنها بشمول الصورة للصدر عارية قد تجاوزت النطاق الطبيعي للاتفاقية المبرمة مع المدعية بشأن الدعاية والتسويق ولا ينبغي لها أن تتجاوز مواقع العملية - المعدة – وآثارها على الشكل العام للجسم وإبراز ما قد أدت إليه من تخسيس في الحجم والوزن، ومن ثم فإنه لا جدوى من طلب التحقيق بهذا الخصوص))، وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع - وفي حدود سلطتها الموضوعية - سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائها، ويتضمن الرد المسقط لكل حجج المستشفى الطاعنة وأوجه دفاعها، وكان لا يسوغ لها التحدي بأن المطعون ضدها قد حددت مقدماً قيمة التعويض بمبلغ خمسة عشر ألف درهم، ذلك أن الثابت من الاتفاقية المبرمة بينهما المؤرخة 15-6-2005 أن هذا المبلغ كان مقابل حق الطاعنة في استغلال العملية الجراحية التي أجرتها المطعون ضدها في الدعاية والترويج وليس شرطاً جزائياً عما يترتب عن الاستعمال غير المشروع لحق الطاعنة بموجب الاتفاق المبرم بين الطرفين، كما أنه لا جدوى مما تثيره الطاعنة في أسباب الطعن بشأن ما استطرد إليه الحكم الابتدائي المؤيد لأٍسبابه بالحكم المطعون فيه من توافر قصد التعدي لدى الطاعنة للإضرار بالمطعون ضدها بسوء نية، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى أقيم الحكم على دعامتين مستقلتين وكانت إحداهما كافية لحمل قضاء الحكم، فإنه يكون غير منتج النعي على دعامته الأخرى، وإذ أقام الحكم قضاءه على دعامة كافية سنداً للفقرة ب من المادة 106 سالفة البيان، وبالتالي فإن النعي على استناده أيضاً إلى الفقرة أ من هذه المادة - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون على غير أساس.وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.ثانياً: الطعن رقم 179 لسنة 2006 مدني.حيث إن مبنى الدفع المبدى من المستشفى المطعون ضدها الثانية - بعدم قبول الطعن قبلها – أنه قضى عليها بالتضامن مع الشركة الطاعنة، ولا يقبل الطعن من محكوم عليه تجاه محكوم عليه آخر مثله في مركز قانوني واحد، وبالتالي فإنه لا يقبل اختصام المستشفى المطعون ضدها في هذا الطعن.وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن المادة 156 من قانون الإجراءات المدنية قد نصت في فقرتها الأولى على أنه ((لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، على أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن...)) مما يدل على أن مناط وجوب توجيه الطاعن طعنه إلى المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثله هو ألا يكون الحكم المطعون فيه صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام المطعون ضدها الثانية بالتضامن مع الطاعنة بأن يؤديا للمطعون ضدها الأولى مبلغ التعويض المحكوم به، مما مؤداه وجوب اختصام المستشفى المطعون ضدها الثانية في هذا الطعن باعتبار أنها محكوم عليها بالتضامن مع الطاعنة، ومن ثم فإن الدفع يكون على غير أساس.وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، إذ قضى برفض الدفع المبدى منها بعدم سماع الدعوى لمضي مدة الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة 298 من قانون المعاملات المدنية، وذلك بمقولة إن الدعوى الجزائية كانت ما زالت مسموعة بعد انقضاء هذه المدة، هذا في حين أن قيام الدعوى الجزائية لا يعد عذراً شرعياً يحول دون المطعون ضدها الأولى في إقامة دعواها المدنية للمطالبة بالتعويض على سند من تعسف الطاعنة في استخدام حق النشر مما يجعل دعواها ناشئة عن الفعل الضار، وبالتالي لا شأن للتعويض المدني الذي تطالب به بمصير الدعوى الجزائية، ذلك لأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 21-9-2003 قد قضى بتأييد قرار النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية بما معناه أن هذا الحكم الجزائي لا يتضمن إدانة جنائية للصحيفة العائدة للطاعنة أو للمحريين فيها، وبالتالي فإن القاضي المدني لن يتقيد بهذا الحكم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادتين 298 و481 من قانون المعاملات المدنية مفاده - وعلى ما قررته هذه المحكمة - أن المشرع قد استحدث في نطاق المسئولية عن العمل غير المشروع تقادماً قصيراً فقضى بعدم سماع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بانقضاء ثلاث سنوات يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من أحدثه، وأنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان مدة عدم السماع المنصوص عليها في المادة 298 سالفة الذكر بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، ويظل الوقف سارياً حتى تنقضي الدعوى الجنائية، وهذا الانقضاء يكون بصدور حكم بات فيها من محكمة التمييز أو بصيرورة الحكم الصادر فيها من محكمة الموضوع باتاً بفوات ميعاد الطعن فيه أو لسبب آخر من أسباب الانقضاء، ومن تاريخ هذا الانقضاء تعود مدة عدم سماع دعوى التعويض عن الفعل الضار إلى السريان، ذلك أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً يعد في معنى المادة 481/ 1 من قانون المعاملات المدنية مانعاً يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن واقعة نشر صورة المطعون ضدها الأولى في الملحق الأسبوعي المرفق بجريدة الخليج تايمز المملوكة للشركة الطاعنة قد حدثت في 22-6-2002، وبتاريخ 4-8-2002 تقدمت المطعون ضدها الأولى ببلاغ إلى مركز شرطة المرقبات ضد الطاعنة والمطعون ضدها الثانية عن تلك الواقعة وادعت مدنياً في البلاغ وتولت النيابة العامة التحقيق وكيفت الواقعة بأنها تشكل جريمة هتك العرض المؤثمة بالمادة 356 من قانون العقوبات وبتاريخ 8-6-2003 أصدرت أمراً بالأوجه لإقامة الدعوى الجزائية لعدم الجريمة لانتفاء القصد الجنائي، فطعنت المطعون ضدها الأولى في هذا الأمر بالاستئناف رقم 2560 لسنة 2003 جزاء، وبتاريخ 21-9-2003 قررت المحكمة تأييد الأمر المستأنف، وإذ كانت الدعوى الماثلة قد أقيمت في 1-11-2005 أي قبل انقضاء ثلاث سنوات من 21-9-2003 تاريخ صدور القرار سالف البيان، وهي دعوى ناشئة عن ذات الفعل الضار المنسوب للطاعنة في تحقيقات الدعوى الجزائية، فإن الدعوى تكون مسموعة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس صحيح من الواقع أو القانون.وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لها وقضى بإلزامها بالتعويض المقضي به تأسيساً على أن نشر الطاعنة صورة المطعون ضدها الأولى وهي عارية الصدر في حد ذاته يشكل انحرافاً عن السلوك المألوف الصحفي العادي، هذا بالرغم من أن المطعون ضدها الأولى استندت في دعواها قبلها إلى أحكام المسئولية العقدية مع أن الطاعنة ليست طرفاً في الاتفاق المؤرخ 15-6-2005 المبرم بين المطعون ضدها الأولى وبين المطعون ضدها الثانية ولا رابطة تربطها بالمطعون ضدها الأولى وتمسكت بأنها لم ترتكب أي خطأ عند قيامها بنشر صورتها لأنها لم تقم من تلقاء نفسها باستعمال حقها في نشر وإعلام الجمهور وإنما قامت بالنشر بناءً على طلب من المستشفى المطعون ضدها الثانية المقترن برضا المطعون ضدها الأولى المسبق بموجب الاتفاق المؤرخ 15-6-2002 فضلاً عن موافقة الأخيرة على التصوير عند حضور العاملين بالصحيفة لغرفتها والأذن لهم بالدخول وإجراء التصوير، وأقوال العاملين لدى المطعون ضدها الثانية بالتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة أكدت ذلك وخلت الأوراق من أي دليل يثبت أي قصد أو سوء نية من جانب الطاعنة للإضرار بالمطعون ضدها الأولى في المقال الذي نشرته عنها ولم تبد أي اعتراض على هذا المقال أو على الصورة المنشورة، كما تمسكت بمذكرتها الشارحة لأسباب الاستئناف بأن مبلغ التعويض المحكوم به مغالى فيه ولا يقابله أي ضرر طالما لم يتحقق قصد التعدي والإضرار بالمطعون ضدها الأولى لما في ذلك من إغلال ليد الصحفي في نشر المسائل العلمية، إلا أن الحكم المطعون فيه أورد أسباباً عامة مبهمة لا تواجه كل هذا الدفاع الجوهري ولا تصلح سبباً لرفضه، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق بيانه من قواعد قانونية في الطعن السابق 158 لسنة 2006 والمرتبط بالطعن الماثل، وكان ما تدعيه الطاعنة بوجه النعي من أن المطعون ضدها الأولى أسست دعواها على أحكام المسئولية العقدية غير صحيح، ذلك أن الثابت أن المطعون ضدها الأولى لم تلجأ إلى أحكام المسئولية العقدية وإنما استندت في دعواها قبل كل من الطاعنة والمطعون ضدها الثانية إلى أحكام المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنهما استعملا حقهما استعمالاً غير مشروع، ومن ثم يضحى النعي في هذا الخصوص غير مقبول، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الصفة في الدعوى تتوافر في جانب المدعى عليه حينما يكون هو المسئول أصالة أو تبعاً عن الحق المدعى به أو مشتركاً في المسئولية عن هذا الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته حال ثبوت أحقية المدعي فيه، ومن المقرر أيضاً أن استخلاص توافر الصفة من عدمه هو من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق وبمنأى عن مخالفة القانون، ومن المقرر أيضاً أن حرية الصحافة في النشر مشروطة بألا يسيء الصحفي استعمال حقه في النشر استعمالاً ضاراً بالغير من عامة الناس، كما أن استخلاص تجاوزه لهذا الحق بانحرافه عن السلوك المألوف للصحفي العادي هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع طالما كان استخلاصها سائغاً والمجادلة في ذلك هي مجادلة موضوعية تنحسر عنها رقابة محكمة التمييز متى أقام الحكم قضاءه على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رفض الدفع المبدى من الشركة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبإلزامها بمبلغ التعويض المحكوم به بالتضامن مع المستشفى المطعون ضدها الثانية تأسيساً على ما أورده بأسبابه من أن ((.... الدعوى مقامه اعتماداً على نص المادة 106 من قانون المعاملات المدنية "إساءة استعمال الحق" وغنى عن البيان أن إساءة استعمال الحق هي إحدى تطبيقات المسئولية التقصيرية وليس العقدية ....... وما دام الأساس القانوني لهذه الدعوى هو أحد تطبيقات المسئولية فإن إقامة الدعوى في مواجهة المدعى عليها الثانية (الشركة الطاعنة) ليست في حاجة لإثبات أي علاقة أو رابطة تعاقدية وإنما يكفي إثبات أنها قد ارتكبت خطأ أدى إلى الإضرار بالمدعية (المطعون ضدها الأولى) وبالتالي موجب للضمان، فعليه نقرر رفض هذا الدفع... ولما كان الثابت أن المدعى عليها الثانية هي التي تولت تصوير المدعية أثناء إجراء العملية الجراحية ومن ثم قامت بالنشر في الصحيفة المملوكة لها، ولما كان الفعل هذا فعلاً غير مشروع على النحو الذي أوضحناه لدى تناول مسئولية المدعى عليها الأولى، فتكون مسئولة بالتضامن مع المدعى عليها الأولى عن أداء التعويض المحكوم به)) وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك قوله بأن ((... تصوير المدعية على هذا النحو (عارية الصدر) في أثناء عملية جراحية (غير واعية فيها بسبب البنج) يتجاوز كثيراً حدود حسن النية.. ويشكِّل إساءة لاستعمال أي حق تدعيه المدعى عليها في مواجهة المدعية وتدعيه كل منهما على انفراد في مواجهة الأخرى وفي مواجهة المدعية...، ولا يغير من ذلك ما تثيره المدعى عليها الثانية (الطاعنة) من أنها بالتصوير والنشر لم تنحرف عن السلوك المألوف للصحفي العادي، ذلك أن تصوير المدعية على النحو الذي حصل وهي عارية الصدر في حد ذاته يشكل انحرافاً عن السلوك الطبيعي لأي صحفي ولأي نشره دورية في صحيفة كصحيفة الخليج تايمز التي هي بطبيعة الحال غير مرخص لها بنشر الصور الفاضحة – صور العورات ...))، وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع - وفي حدود سلطتها الموضوعية - سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكافياً لحمل قضائها ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الشركة الطاعنة وأوجه دفاعها الواردة بوجه النعي، وكانت هذه المحكمة في معرض ردها على أسباب الطعن بالتمييز رقم 158 لسنة 2006 مدني المرفوع من المطعون ضدها الثانية قد انتهت إلى صحة ما خلصت إليه محكمة الموضوع من إعمال الفقرة (ب) من المادة 106 من قانون المعاملات المدنية من أنه يعد استعمالاً غير مشروع للحق الموجب للضمان إذا كانت المصالح التي أريد تحقيقها من هذا الاستعمال مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية أو القانون أو النظام العام أو الآداب، وأنها دعامة كافية لحلم قضائها دون حاجة لبحث قصد التعدي في جانب صاحب الحق للإضرار بالغير، وأن محكمة الموضوع وهي بسبيل تقدير التعويض للأضرار التي لحقت بالمطعون ضدها الأولى قد أبانت عناصر الضرر ووجه أحقية المطعون ضدها الأولى في هذا التعويض من واقع ما هو مطروح عليها في الأوراق، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل بتحصيله وتقديره محكمة الموضوع من أدلة الدعوى وما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز، وبالتالي فهو غير مقبول.وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1070 لسنة2022 طعن تجاري
ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحق في الشكوى والتبليغ عن الجرائم والالتجاء إلى القضاء للذود عن الحق الذي يحميه القانون أمر مشروع ولكن بشرط ألا يسئ الشخص استعمال حقه في الالتجاء إلى الشكوى أو القضاء الذي يشمل ما نص عليه القانون من إجراءات يتوصل بها الشخص إلى حقوقه، ويكون ذلك إذا توافرت إحدى الحالات الواردة في المادة 106 سالفة الذكر (1) ومبناها جميعاً أن تكون الإجراءات المطلوبة كيدية مشوبة بسوء نية أو بمخبثة لا يقصد بها سوى الإضرار بالخصم ، ويقع عبء الإثبات على عاتق الخصم الذي يدعي بوقع ضرر له من هذه الإجراءات ، ولا يكفي إثبات تصور صاحب الحق احتمال وقوع الضرر من إجراءات استعماله لحقه لأن ذلك لا يعني بذاته قصد الإضرار